منتدى أبناء السلفية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى أبناء السلفية

منتدى خاص لأبناء الجامعة السلفية


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

التفسير الموضوعي لكلمة التقوى في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Admin


Admin

[font=Arial Black][color=black][size=24][center][b]المملكة العربية السعودية
جامعة الملك سعود
كلية التربية
قسم الثقافة الإسلامية


التفسير الموضوعي لكلمة








إعداد الطالبات
منى عباس باعبدالله
فاطمة الصليح
العنود العنزي
سهام العجمي


الدكتورة : رانيا نظمي






خــطة البحــث

*المقدمة متضمنة لأهداف البحث .
المباحث :.
1. تعريفات لكلمة التقوى.
2. آيات التقوى من المعجم المفهرس , مرتبة حسب زمن النزول قدر الإمكان , وتفسيرها تحليليا.
3. تفسيرها إجماليا بطريقة تسلسليه في الأفكار.
4. مقالة : (التقوى أساس المسئولية).
5. حقيقة التقوى والمسئولية فيها .
6. ثمرات التقوى .
7. الإسقاط المعاصر لكلمة التقوى من فتاوى ابن تيمية موضحة بأقسام التقوى .
*الخاتمة.
*المراجع.
*الفهرس.

* * * * *

المقـــدمة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له وصلي اللهم وبارك على سيدنا المصطفى محمد ابن عبدالله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم
أما بعد ,,,
قال صلى الله عليه وسلم Sad التقوى ههنا ) وأشار الى صدره . احتلت التقوى مكانة عظيمة في سور القران الكريم فيذكر الله سبحانه وتعالى في معرض آياته أن يتقوه بالتزام أوامره واجتناب نواهيه ويخاطب عباده المؤمنين أن يحققوا في أنفسهم حقيقة التقوى وان يكونوا كذلك حتى يأتيهم الموت وهم مسلمون غاية الإسلام ، ولأهمية التقوى في حياة الأمم والشعوب ولتأثيرها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها كانت دعوة الرسل والأنبياء منصبة على دعوة الناس الى التقوى التي هي الوقاية من عذاب الله وعقابه بالتزام منهجه في الحياة وستكون أبعاد بحثنا هذا وتنصب أهدافنا على بيان معنى هذه الكلمة وما توجبه على المكلفين في السر والعلن وثمراتها وكيفية القيام بها ، لنبين كيف أن التقوى هي لب العبادة وجوهر التوحيد الذي من اجلها يكون التمايز والتفاضل.



* * * * * *


ا



الفصل الأول

المبحث الأول: تعريفات التقوى

المبحث الثاني: آيات التقوى من المعجم المفهرس مرتبة حسب النزول، وتفسيرها من تفسير ابن كثير.

المبحث الثالث: تفسير الآيات بتسلسل أفكارها.



معنى كلمة التقوى من القاموس ‏
وَقاهُ وَقْياً ووِقَايَةً وواقِيَةً‏:‏ صانَه، كَوَقَّاهُ‏.‏ والوَقاءُ، ويُكْسَرُ، والوَقَايَةُ، مثلثةً‏:‏ ما وَقَيْتَ به‏.‏
والتَّوْقِيَةُ‏:‏ الكِلاءَةُ، والحِفْظُ‏.‏
واتَّقَيْتُ الشيءَ، وتَقَيْتُه اتَّقِيه واتْقِيه تُقًى وتَقِيَّةً وتِقاءً، ككِساءٍ‏:‏ حَذِرْتُه .
والاسمُ‏:‏التقوى أصْلُه‏:‏ تَقْيا، قَلَبُوهُ للفَرْقِ بين الاسمِ والصِّفةِ، كخَزْيا وصَدْيا‏.‏
وقولهُ عز وجلَّ‏:‏ هو اهل التقوى  اَي‏:‏ اهْلٌ ان يُتَّقَى عِقابُه‏.‏ ورجُلٌ تَقِيٌّ، من اتْقِياءَ وتُقَواءَ.‏


والتقوى في مفردات القران
تقوى - تاء تقوى مقلوب من الواو، (وقى).
والوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره. يقال: وقيت الشيء أقيه وقاية ووقاء. قال تعالى: فوقاهم الله ووقاهم عذاب الجحيم وما لهم من الله من واق مالك من الله من ولي ولا واق قوا أنفسكم وأهليكم نارا  والتقوى : جعل النفس في وقاية مما يخاف هذا تحقيقه، ثم يسمى الخوف تارة تقوى، والتقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه .
التقوى في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتم ذلك بترك بعض المباحات.

الآيات القرآنية المشتملة على كلمة التقوى
وتفسيرها
أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى سورة العلق آية (12) مكية .
قال تعالى‏:‏ ‏{‏أرأيت الذي ينهى * عبداً إذا صلَّى‏}‏ نزلت في أبي جهل لعنه اللّه، توعد النبي صلى اللّه عليه وسلم على الصلاة عند البيت، فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولاً، فقال‏:‏ ‏{‏أرأيت إن كان على الهدى‏}‏ أي فما أظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله ‏{‏أو أمر بالتقوى‏}‏ بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته‏؟‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ألم يعلم بأن اللّه يرى‏}‏‏؟‏‏ أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن اللّه يراه ويسمع كلامه، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء،روى البخاري عن ابن عباس قال، قال أبو جهل‏:‏ لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏لئن فعل لأخذته الملائكة‏)‏ ‏"‏أخرجه البخاري‏"

وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةسورة المدثر آية (56) مكية.
{وما يذكرون إلا أن يشاء اللّه‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏وما تشاءون إلا أن يشاء اللّه}‏‏و قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هو أهل التقوى وأهل المغفرة‏}‏ أي هو أهل أن يخاف منه، وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب‏.‏ عن أنَس ابن مالك رضي اللّه عنه قال‏:‏ قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الآية ‏{‏هو أهل التقوى وأهل المغفرة‏}‏ وقال‏:‏ ‏(‏قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً كان أهلاً أن أغفر له‏)‏ ‏"‏رواه الترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب‏" ‏‏.

 ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ سورة الحج آية( 32) مكية .
يقول تعالى‏:‏ هذا ‏{‏ومن يعظم شعائر اللّه‏}‏ أي أوامره، ‏{‏فإنها من تقوى القلوب‏}‏، ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن، كما قال ابن عباس‏:‏ تعظيمها استسمانها واستحسانها‏.عن أبي رافع أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوئين، وعن البراء قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أربع لا تجوز في الأضاحي‏:‏ العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى) ‏"‏رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي‏"وهذه العيوب تنقص اللحم لضعفها وعجزها عن اسكتمال الرعي، لأن الشاء يسبقونها إلى المرعى، فلهذا لا تجزئ التضحية بها .
 لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِين سورة الحج آية( 37 )مكية .
يقول تعالى إنما شرع لكم نحر هذه الضحايا لتذكروه عند ذبحها، فإنه الخالق الرزاق لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فهو الغني عما سواه عن ابن جريج قال‏:‏ كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها، فقال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ فنحن أحق أن ننضح فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم‏}‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم‏"‏أي يتقبل ذلك ويجزي عليه وقوله‏:‏ ‏{‏كذلك سخرها لكم‏}‏ أي من أجل ذلك سخر لكم البدن ‏{‏لتكبروا اللّه على ما هداكم‏}‏ أي لتعظموه على ما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ويرضاه، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه، وقوله‏:‏ ‏{‏وبشر المحسنين‏}‏ أي وبشر يا محمد المحسنين في عملهم، القائمين بحدود اللّه، المتبعين ما شرع لهم، المصدّقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عزَّ وجلَّ ‏.

 وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى سورة طه اية(132)مكية.
{‏وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها‏}‏ أي استنقذهم من عذاب اللّه بإقام الصلاة واصبر أنت على فعلها،وقوله‏:‏ ‏{‏لا نسألك رزقا نحن نرزقك‏}‏ يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ولهذا قال ‏{‏لا نسألك رزقا نحن نرزقك‏}‏، وقال الثوري‏:‏ لا نسألك رزقاً‏:‏ أي لا نكلفك الطلب‏.وقال ابن أبي حاتم، عن ثابت قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله يا أهلاه صلوا، صلوا‏.‏ قال ثابت‏:‏ وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة‏.‏ وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يقول اللّه تعالى يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسدّ فقرك)‏ ‏"‏الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة‏ , وقوله ‏{‏والعاقبة للتقوى‏}‏‏:‏ أي وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة وهي الجنة لمن اتقى اللّه، وفي الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن نافع وأنا أتينا برطب من رطب ابن طاب، فأوَّلت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب "

 يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ‏ سورة الأعراف آية( 26)مكية .
يمتن تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش، فاللباس ستر العورات وهي السوآت، والرياش والريش ما يتجمل به ظاهراً,فالاول من الضروريات، والريش من التكملات والزيادات‏. ‏قال ابن عباس‏:‏ الريش‏:‏ اللباس، والعيش والنعيم، وقال ابن أسلم‏:‏ الرياش الجمال؛ ولبس أبو أمامة ثوباً جديداً، فلما بلغ ترقوته قال الحمد للّه الذي كساني ما أوراي به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم قال‏:‏ سمعت عمر بن الخطاب يقول‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من استجد ثوباً فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته‏:‏ الحمد للّه الذي كساني ما أوراي به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الخلق فتصدق به، كان في ذمة اللّه وفي جوار اللّه وفي كنف اللّه حياً وميتاً‏)‏"‏رواه أحمد والترمذي وابن ماجه‏"‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولباس التقوى ذلك خير‏}‏، اختلف المفسرون في معناه، فقال عكرمة‏:‏ يقال هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة، وقال قتادة وابن جريج‏:‏ ‏{‏ولباس التقوى‏}‏ الإيمان، وقال ابن عباس‏:‏ العمل الصالح، وعنه‏:‏ هو السمت الحسن في الوجه، وعن عروة بن الزبير ‏{‏لباس التقوى‏}‏ خشية اللّه، وقال ابن أسلم‏:‏ ولباس التقوى يتقي اللّه فيواري عورته، فذاك لباس التقوى، وكلها متقاربة .‏

َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ‏ سورة المجادلة آية( 9) مدنية .
قال تعالى مؤدباً عباده المؤمنين :‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول‏}‏ أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين، ‏{‏وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا اللّه الذي إليه تحشرون‏}‏ أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها روى الإمام أحمد عن صفوان بن محرز قال‏:‏ كنت آخذاً بيد ابن عمر إذ عرض له رجل، فقال‏:‏ كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة‏؟‏ قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏‏(‏إن اللّه يدني المؤمن فيضع عليه كتفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له أتعرف ذنب كذا‏؟‏ أتعرف ذنب كذا‏؟‏ أتعرف ذنب كذا‏؟‏ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أن قد هلك، قال‏:‏ فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين‏)‏ ‏"‏أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة‏"

 إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ‏ سورة الحجرات آية( 3)مدنية .
هذه آيات أدّب اللّه تعالى بها عباده المؤمنين، فيما يعاملون به الرسول صلى اللّه عليه وسلم من التوقير والاحترام، والتبجيل والإعظام.قال‏:‏ ‏{‏إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللّه أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى‏}‏ أي أخلصها لها وجعلها أهلاً ومحلاً ‏{‏لهم مغفرة وأجر عظيم‏}‏‏.‏ وعن مجاهد قال‏:‏ كُتِب إلى عمر، يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها‏؟‏ فكتب عمر رضي اللّه عنه‏:‏ إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ‏{‏أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم‏}‏ ‏"‏أخرجه أحمد في كتاب الزهد‏" ‏‏.

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا سورة الفتح آية ( 26 )مدنية .
{‏إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية‏}‏ يقول تعالى مخبراً عن الكفار ومشركي العرب، من قريش ومن مالأهم على نصرتهم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وذلك حين أبوا أن يكتبوا‏:‏ بسم اللّه الرحمن الرحيم، وأبوا أن يكتبوا‏:‏ هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللّه ‏{‏فأنزل اللّه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ وهي قول‏:‏ لا إله إلا اللّه، كما قال ابن جرير عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ ‏(‏لا إله إلا اللّه‏) ‏"‏أخرجه ابن جرير ورواه الترمذي، وقال‏:‏ حديث غريب‏"‏، وقال ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب إن أبا هريرة رضي اللّه عنه أخبره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه فمن قال‏:‏ لا إله إلا اللّه فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على اللّه عزَّ وجلَّ) وقال مجاهد‏:‏ كلمة التقوى الاخلاص، وقال عطاء‏:‏ هي لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير، وقال علي رضي اللّه عنه‏:‏ ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، وقال ابن عباس ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ يقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى، وقال سعيد بن جبير‏:‏ ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ لا إله إلا اللّه والجهاد في سبيله، ‏{‏وكانوا أحق بها وأهلها‏}‏ كان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها ‏{‏وكان اللّه بكل شيء عليماً‏}‏ أي هو عليم بمن يستحق الخير ممن يستحق الشر .

 لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ سورة التوبة آية( 108 – 109)
قال ابن عباس في الآية‏:‏ هم أناس من الأنصاربنوا مسجداً، فقال لهم أبو عامر‏:‏ ابنوا مسجداً واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنود من الروم وأخرج محمداً وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‏:‏ قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏لا تقم فيه أبدا‏}‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه‏}‏، والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏صلاة في مسجد قباء كعمرة‏) وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف منهم ابن عباس وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري وسعيد بن حبان وقتادة وغيرهم
وقوله‏:‏ ‏{‏لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين‏}‏، دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة اللّه وحده لا شريك له، وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء، والتنزه عن ملابسة القاذورات
وقال أبو العالية في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واللّه يحب المطهرين‏}‏ إن الطهور بالماء لحسن ولكنهم المطهرون من الذنوب، وقال الأعمش التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك‏.
يقول تعالى‏:‏ لا يستوي من أسس بنيانه على تقوى من اللّه ورضوان، ومن بنى مسجد ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، فإنما يبني هؤلاء بنيانهم على شفا جرف هار، أي طرف حفيرة في نار جهنم، ‏{‏واللّه لا يهدي القوم الظالمين‏}‏ أي لا يصلح عمل المفسدين، قال جابر‏:‏ رأيت المسجد الذي بني ضراراً يخرج منه الدخان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال ابن جريج‏:‏ ذكر لنا أن رجالاً حفروا فوجدوا الدخان الذي يخرج منه، وكذا قال قتادة ‏.

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ‏سورة المائدة آية (2) مدنية .
قال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر اللّه‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ يعني بذلك مناسك الحج، وقال مجاهد‏:‏ الصفا والمروة، والهدي والبدن من شعائر اللّه، وقيل‏:‏ شعائر اللّه محارمه، أي لا تحلوا محارم اللّه التي حرمها اللّه تعالى، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا الشهر الحرام‏}‏ يعني بذلك تحريمه والاعتراف بتعظيمه وترك ما نهى اللّه عن تعاطيه فيه من الإبتداء بالقتال، وتأكيد اجتناب المحارم وفي صحيح البخاري‏:‏ عن أبي بكرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في حجة الوداع‏:‏ ‏(‏إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه السماوات والأرض‏.‏ السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاث متواليات‏:‏ ذو القعدة وذو الحجة والمرحم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان‏)‏، وهذا يدل على استمرار تحريمها إلى آخر وقت كما هو مذهب طائفة من السلف‏.‏ وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا الشهر الحرام‏}‏ يعني لا تستحلوا القتال فيه، واختاره ابن جرير أيضاً،وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا الهدي ولا القلائد‏}‏ يعني لا تتركوا الإهداء إلى البيت الحرام، فإن فيه تعظيم شعائر اللّه، ولا تتركوا تقليدها في أعناقها لتتميز به عما عداها من الأنعام وليعلم أنها هدي إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوء، وتبعث من يراها على الإتيان بمثلها، فإن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء،وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا آمين البيت الحرام يتبغون فضلاً من ربهم ورضواناً‏}‏ أي ولا تستحلوا قتال القاصدين إلى بيت اللّه الحرام الذي من دخله كان آمناً، وكذا من قصده طالباً فضل اللّه، وراغباً في رضوانه فلا تصدوه ولا تمنعوه ولا تهيجوه، قال مجاهد وعطاء في قوله‏:‏ ‏{‏يبتغون فضلاً من ربهم‏}‏ يعني بذلك التجارة , وقوله‏:‏ ‏{‏ورضواناً‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ يترضون اللّه بحجهم، وقد ذكر عكرمة والسدي وابن جرير أن هذه الآية نزلت في الحطيم بن هند البكري ، كان قد أغار على سرح المدينة، فلما كان من العام المقبل اعتمر إلى البيت، فأراد بعض الصحابة أن يعترضوا في طريقه إلى البيت، فأنزل اللّه عز وجلَّ‏:‏ ‏{‏ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً‏}‏ ‏"‏وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا حللتم فاصطادوا‏}‏ أي إذا فرغتم من أحرامكم وأحللتم منه، فقد أبحنا لكم ما كان محرماً عليكم في حال الإحرام من الصيد، وهذا أمر بعد الحظر، وقوله‏:‏ ‏{‏ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا‏}‏ أي لا يحملنكم بغض قوم قد كانوا صدوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية على أن تعتدوا حكم اللّه فيهم فتقتصوا منهم ظلماً وعدواناً، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في حق كل أحد، وهذه الآية كما سيأتي من قوله‏:‏ ‏{‏ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى‏}‏ وقال بعض السلف‏:‏ ما عاملت من عصى اللّه فيك بمثل أن تطيع اللّه فيه، والعدل به قامت السموات والأرض‏.والشنآن‏:‏ هو البغض، قاله ابن عباس وغيره , وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان‏}‏ يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم، قال ابن جرير الإثم‏:‏ ترك ما أمر اللّه بفعله، والعدوان مجاوزة ما حد اللّه في دينكم ومجاوزة ما فرض اللّه عليكم في أنفسكم وفي غيركم ‏.

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  سورة المائدة آية (Coolمدنية .
قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين للّه‏}‏ أي كونوا قوامين بالحق للّه عزّ وجلّ لا لأجل الناس والسمعة، وكونوا ‏{‏شهداء بالقسط‏}‏ أي بالعدل لا بالجور، وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بشير أنه قال‏:‏ نحلني أبي نحلاً، فقالت أمي عمرة بنت رواحة‏:‏ لا أرضى حتى تشهد عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فجاءه ليشهده على صدقتي فقال‏:‏ ‏(‏أكلَّ ولدك نحلتَ مثله‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا، فقال‏:‏ ‏(‏اتقوا الله واعدلوا في أولادكم‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏إني لا أشهد على جور‏)‏ قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة‏.وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يجرمنكم شنآن قوم المراد بالقوم‏:‏ اليهود، وقد أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن جرير‏.أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد صديقاً كان أو عدواً، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏اعدلوا هو أقرب للتقوى‏}‏ أي عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه، ودلَّ الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه , وقوله‏:‏ ‏{‏هو أقرب للتقوى‏}‏ من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء،ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏واتقوا الله إن اللّه خبير بما تعملون‏}‏ أي وسيجزيكم على ما علم من أفعالكم التي عملتموها إن خيراً فخير، وإن شراً فشر .

 الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ سورة البقرة آية( 197) مدنية.
‏{‏الحج أشهر معلومات‏}‏ تقديره الحج حج أشهر معلومات،. وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أشهر معلومات‏}‏، قال البخاري‏:‏ قال ابن عمر‏:‏ هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد،وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن فرض فيهن الحج‏}‏ أي وأجب بإحرامه حجاً، قال ابن جرير‏:‏ أجمعوا على أن المراد من الفرض ههنا الإيجاب والإلزام، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏فمن فرض فيهن الحج‏}‏ من أحرم بحج أو عمرة، وقال عطاء‏:‏ الفرض الإحرام، وقوله‏:‏ ‏{‏فلا رفث‏}‏ أي من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث وهو الجماع , وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، وكذلك التكلم به بحضرة النساء‏.‏وقال أبو العالية عن ابن عباس‏:‏ الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز، وأن تعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك‏ .وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا فسوق‏}‏ عن ابن عباس‏:‏ هي المعاصي، وعن ابن عمر قال‏:‏ الفسوق ما أصيب من معاصي اللّه صيداً أو غيره، وقال آخرون‏:‏ الفسوق ههنا السباب قاله ابن عباس ومجاهد والحسن . وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ فيه قولان‏:‏ أحدهما ‏:‏ ولا مجادلة في وقت الحج في مناسكه، وقد بيّنه اللّه أتم بيان ووضحه أكمل إيضاح والقول الثاني ‏:‏ أن المراد بالجدال ههنا المخاصمة‏.‏ قال ابن جرير عن عبد اللّه بن مسعود في قوله‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ قال‏:‏ أن تماري صاحبك حتى تغضبه‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ المراء والملاحاة حتى تُغْضب أخاك وصاحبك‏.‏ وعن نافع أن ابن عمر كان يقول‏:‏ الجدال في الحج‏:‏ السباب والمراء والخصومات‏.وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما تفعلوا من خير يعلمه الله‏}‏‏:‏ لما نهاهم عن إيتان القبيح قولاً وفعلاً، حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏، عن عكرمة أن أناساً كانوا يحجون بغير زاد فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏، وعن ابن عباس قال‏:‏ كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏ ‏"‏رواه البخاري وأبو داود‏"وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خير الزاد التقوى‏}‏ لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا، فأرشدهم إلى زاد الآخرة وهواستصحاب التقوى إليها .


 وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 
سورة البقرة آية ( 237)مدنية .

أوجب الله في هذه الآية نصف المهر المفروض إذا طلق الزوج قبل الدخول، فإنه لو كان ثَمَّ واجب آخر من متعة لبيّنها،قال ابن عباس‏:‏ في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها، ليس لها إلا نصف الصداق، لأن اللّه يقول‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم‏}‏ قال الشافعي‏:‏ بهذا أقول وهو ظاهر الكتاب‏.وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أن يعفون‏}‏ أي النساء عما وجب لها على زوجها فلا يجب لها عليه شيء، قال ابن عباس في قوله ‏{‏إلا أن يعفون‏}‏‏:‏ إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها‏.وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ المراد به الزوج عن عيسى بن عاصم قال‏:‏ سمعت شريحاً يقول‏:‏ سألني علي بن أبي طالب عن ‏{‏الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ فقلت له‏:‏ هو ولي المرأة، فقال علي‏:‏ لا، بل هو الزوج،الوجه الثاني أنه أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه . وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن تعفو أقرب للتقوى‏}‏ خوطب به الرجال والنساء، قال ابن عباس‏:‏ أقربهما للتقوى الذي يعفو، ‏{‏ولا تنسوا الفضل بينكم‏}‏ المعروف يعني لا تهملوه بل استعملوه بينكم،‏{‏إن الله بما تعملون بصير‏}‏ أي لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم وسيجزي كل عامل بعمله ‏.

* * * * * *






التفسير الإجمالي لكلمة التقوى في القران الكريم
كلمة التقوى استخدمت في القران الكريم في خمسة عشر موضعا في سور مختلفة وقد استعملت في كل مرة للدلالة علي شي مختلف ولكن موضوعها يدور حول معنى واحد وهو أنها فعل الخيارات وترك المنكرات كقوله تعالي : {‏ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى‏} {‏وَالْعَاقِبَةُ‏}‏ في الدنيا والآخرة ‏{‏لِلتَّقْوَى‏}‏ التي هي فعل المأمور وترك المنهي، فمن قام بها، كان له العاقبة، كما قال تعالى ‏{‏وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏} ‏ .وأيضا ذكرت في التعاون قال تعالى : {‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَ‏ى‏‏} والتقوى في هذا الموضع‏:‏ اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة‏.‏ وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك‏ .‏ وقد ذكرت التقوى في الدعوة الى حسن الخلق قال تعالي : {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} والتقوى، وهي ‏[‏هنا‏]‏‏:‏ اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم .وان خير الزاد هو التقوى قال تعالي : {فأن خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك‏,‏ فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه‏,‏ في دنياه‏,‏ وأخراه‏,‏ فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار‏,‏ وهو الموصل لأكمل لذة‏,‏ وأجل نعيم دائم أبدًا، ومن ترك هذا الزاد‏,‏ فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر‏,‏ وممنوع من الوصول إلى دار المتقين‏.‏ فهذا مدح للتقوى ‏.‏ وهي خير لباس للمؤمن الحق وقد دل الله تعالي عليه بقوله : { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } أي خيرا من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح‏ .‏وان من الأعمال الصالحة التي تقرب المرء من التقوى العفو الذي أمرنا الله به والعدل قال تعالى : {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } ثم رغب في العفو‏,‏ وأن من عفا‏,‏ كان أقرب لتقواه‏,‏ لكونه إحسانا موجبا لشرح الصدر‏,‏ ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف وكقوله عز وجل : { ‏اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى‏‏} أي‏:‏ كلما حرصتم على العدل واجتهدتم في العمل به، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم، فإن تم العدل كملت التقوى ‏.‏وان من البراهين الدالة على تقوى الله سبحانه وتعالي هو تعظيم شعائره عز وجل ‏: { فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ‏} فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله ‏.‏وان الله سبحانه وتعالي ينال من هذا التعظيم الإخلاص الكامل والاحتساب، والنية الصالحة، ولهذا قال‏:‏{ ‏‏وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ‏‏ }ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه ‏.‏ولا ننسى أن التقوى هي أساس كل شي في الوجود قال تعالي : { ‏لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ‏‏ }ظهر فيه الإسلام في ‏"‏قباء‏"‏ وهو مسجد ‏"‏قباء‏"‏ أسس على إخلاص الدين للّه، وإقامة ذكره وشعائر دينه ، فوضح الله سبحانه وتعالي أن : { ‏وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى‏‏ }هي{‏ ‏لا إله إلا الله‏ ‏}وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها،{‏ ‏وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا‏‏ }من غيرهم ‏{‏و‏}‏ كانوا ‏{‏أهلها‏}‏ الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير ، وان هذه الكلمة اوجب الله فيها الامتحان لقلوب المؤمنين قال تعالى : {‏الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى‏ ‏} دليل على أن الله يمتحن القلوب، بالأمر والنهي والمحن، فمن لازم أمر الله، واتبع رضاه، وسارع إلى ذلك، وقدمه على هواه، تمحض وتمحص للتقوى، وصار قلبه صالحًا لها ومن لم يكن كذلك، علم أنه لا يصلح للتقوى‏ .‏فيجب الاحتراس الشديد من غضب الله سبحانه وتعالى عند منع أي مؤمن أن يأمر بتقوى الله أو التطاول عليه فان غضب الله وسخطه مهيب وشديد فقد هدد الله تعالى أبا جهل عندما حاول منعه صلى الله عليه وسلم من عبادة الله عز وجل والدعوة الى تقواه : ‏{‏أَرَأَيْتَ‏}‏ أيها الناهي للعبد إذا صلى ‏{‏إِنْ كَانَ‏}‏ العبد المصلي ‏{‏عَلَى الْهُدَى‏}‏ العلم بالحق والعمل به، ‏{‏أَوْ أَمْرٍ‏}‏ غيره ‏{‏بِالتَّقْوَى‏} ‏ فهي لا تصرف الإله عز وجل فهو : {‏.‏‏هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ‏‏} أي‏:‏ هو أهل أن يتقى ويعبد، لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأهل أن يغفر لمن اتقاه واتبع رضاه ‏.‏

* * * * * * *







الفصل الثاني

المبحث الأول: مقالة( التقوى أساس المسئولية)

المبحث الثاني: حقيقة التقوى والمسئولية فيها.

المبحث الثالث: ثمرات التقوى.

المبحث الرابع:التقوى من فتاوى ابن تيمية.






التقوى أساس المسئولية
دراسة تحليليه على ضوء القران الكريم

أشيع في كثير من المجتمعات الإسلامية عن التقوى أنها ذلك الجانب السلبي لفئة مخصوصة من الناس تتقاعس بهم هممهم عن معترك الحياة , وتركن بهم تقواهم عن القيام بما يفرضه الوجود الإنساني من التقدم العلمي والحضاري في هذا الكون فينزوون في زاوية أو مسجد أو يفرون الى فلاة أو خلاء طلبا للعبادة والتنسك وتركا للمشاركة في البناء والتعمير وركونا الى الدعة والسكون.

أو أن التقوى في حسبانهم شان فريق من غير المبالين ممن لا يهمهم ولا يشغلهم أن تتقدم الأمة أو تتأخر تنتصر الجيوش أم تهزم تبقى الحكومات أم تفنى قدرما يهمهم ما يصل إليهم من لقيمات سائغات تأتي إليهم من بيت أو حقل أو متجر ثم هم بعد ذلك منكبون على مسبحة طول يومهم يهزونها كيف شاءوا واني أرادوا .
فحسبك أن تعلم أن التقوى بهذا الفهم المعوج إنما هو ترويج فئة مندسة للإسلام أرادت أن تشوه وجهه النضر وتطمس الجانب العملي لمقصد الشرع وإرادة الخالق في عمارة الكون وخلافتها والأخذ بأسباب العلوم والمعارف فيما يرتقي بالأمة والمجتمع ...

* * * * * *



حقيقة التقوى
إن التقوى لها حقيقتان : حقيقة تظهر على الجوارح من القيام بالحق وترك الذنوب والمعاصي أي الالتزام بالأوامر والانتهاء عن النواهي وهي الأعمال الظاهرة وبتعبير آخر هي السلوك الظاهري.
والحقيقة الثانية لا عمل في الضمير وبالتعبير النبوي القلب وهذه حقيقة تتجسد في الإخلاص , ومجانبة الرياء والشرك , في الفرض والنفل وفي الأوامر والنواهي .
وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( التقوى ههنا ) وإشارته الى صدره يقصد بها القلب .وهي حساسية الضمير وشفافية في الشعور وخشية مستمرة وحذر دائم .
التقوى والمسؤولية
المسؤولية في التقوى : هي مراقبة الفعل قبل وقوعه للتحذير من الفعل الضار والتنبيه على الفعل النافع
بل إن درجة المسئولية في التقوى ترقى من حد المراقبة المجرد الى حد الإخلاص في هذه المراقبة حيث تكون التقوى إتقان العمل والإخلاص فيه عندما ينعدم الرقيب ولا يبقى للمرء إلا ثقته التامة في أن الله الذي خلقة هو وحده الذي يراه ويراقبه !
وإذا ارتقت معرفه المرء لمسئوليته الى هذا الحد وأنتج عملا من الأعمال فلا يمكن لفرد من الأفراد غيره أن يبلغ درجة إتقانه ولو كان من ورائه عشرة مراقبين . لان مسئولية التقوى في ذاته ماثلة في ضميره تخبره أن الله هو المراقب الحقيقي الذي لا يغفل ولا يزول بأي حال من الأحوال .
ومن هنا يتضح لنا دور التقوى هنا بالنسبة للمسئولية بان الإنسان في خلافته للأرض وعمارته لها يجهد جهدا بليغا بما فطر عليه . من نوازع ودوافع تشده إحداها الى الخير بينما تجذبه أخرى الى الشر وهو بين هذا وذاك مطالب بان يراقب نفسه ويحاسبها قبل الإقدام على الفعل فيحذر الشر ويتجه للخير فإذا كان هذا ديدنه في حياته فقد بر بمسئوليته تجاه التقوى وتجاه ما استخلفه الله عليه قال تعالى( إنما يتقبل الله من المتقين )

ثمرات التقوى

إن خيرات الدنيا والآخرة كلها جمعت تحت كلمة واحدة , كلمة متضمنة لكل أنواع الخير والسعادة إنها : التقوى .

وقد ذكر القران الكريم التقوى في عدة آيات مبينا فضائلها وخصالها وأثارها على عباده المتقين , وما فيها من الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه في كل مكان وفي كل زمان واوان فانه معك أينما كنت وناظر إليك أينما توجهت ومطلع عليك أينما رحلت ..وحقيقة التقوى متوقفة على العلم بأحكام الدين لان الجاهل لا يعرف كيف يتقي الله عزوجل ، فالعلم هو الأساس لبناء المثل الكامل للمؤمن الذي يريد التقوى ..وكلمة التقوى جامعة لكل أنواع الخير ومن ثمراتها نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

1. النجاة من الشدائد وحصول الرزق الحلال وذلك مصداقا لقوله تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .
2. الحفظ والحراسة من الأعداء قال تعالى: ( وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) .
3. النجاة من النار قال تعالى في كتابة العزيز : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) .
4. إصلاح العمل وغفران الذنوب فال تعالى وهو اصدق القائلين : ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ) .
5. ومنها الإكرام لقوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) .
6. البشارة بكل خير في الدنيا و الآخرة قال تعالى : ( الدين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
7. هذا بالإضافة الى المديح والثناء والتأييد والنصر محبة الله تعالى وتيسير الأمور .
وغيرها من الخصال الحميدة التي تضمن لصاحبها في الدنيا السعادة والهناء وكل خير منشود وفي الآخرة النجاة والمقام المحمود.
أقسام التقوى التي عليها الناس ‏

والتقوى من باب أنها : طاعة الأمر الديني، والصبر على ما يقدر عليه من القدر الكوني نستطيع أن نقسمها الى أربعة أقسام مثلما قسمها الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى ‏...
o احدها‏:‏ أهل التقوى والصبر، وهم الذين انعم اللّه عليهم من أهل السعادة في الدنيا والآخرة‏.

o والثاني‏:‏ الذين لهم نوع من التقوى بلا صبر، مثل الذين يمتثلون ما عليهم من الصلاة ونحوها، ويتركون المحرمات، لكن إذا أصيب احدهم في بدنه بمرض ونحوه أو في ماله أو في عرضه، أو ابتلى بعدو يخيفه عظم جزعه، وظهر هلعه‏.

o والثالث‏:‏ قوم لهم نوع من الصبر بلا تقوى، مثل الفجار الذين يصبرون علي ما يصيبهم في مثل أهوائهم، كاللصوص والقطاع الذين يصبرون على الآلام في مثل ما يطلبونه من الغصب واخذ الحرام، والكتاب وأهل الديوان الذين يصبرون على ذلك في طلب ما يحصل لهم من الأموال بالخيانة وغيرها‏.‏ وكذلك طلاب الرئاسة والعلو على غيرهم يصبرون من ذلك على أنواع من الأذى التي لا يصبر عليها أكثر الناس، وكذلك أهل المحبة للصور المحرمة من أهل العشق وغيرهم يصبرون في مثل ما يهوونه من المحرمات على أنواع من الأذى والآلام‏.‏ وهؤلاء هم الذين يريدون علوًا في الأرض أو فسادًا من طلاب الرئاسة والعلو على الخلق، ومن طلاب الأموال بالبغي والعدوان، والاستمتاع بالصور المحرمة نظرًا أو مباشرة وغير ذلك يصبرون على أنواع من المكروهات، ولكن ليس لهم تقوى فيما تركوه من المأمور، وفعلوه من المحظور، وكذلك قد يصبر الرجل على ما يصيبه من المصائب‏:‏ كالمرض والفقر وغير ذلك، ولا يكون فيه تقوى إذا قدر‏.

o وأما القسم الرابع: فهو شر الأقسام‏:‏ لا يتقون إذا قدروا، ولا يصبرون إذا ابتلوا؛ بل هم كما قال اللّه تعالى‏:‏ {‏‏إن الإنسان خُلِقَ هَلُوعًا ‏.‏ إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ‏.‏ وإذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا‏‏‏} ‏ .فهؤلاء تجدهم من اظلم الناس وأجبرهم إذا قدروا، ومن أذل الناس واجزعهم إذا قهروا‏.‏ إن قهرتهم ذلوا لك ونافقوك، وحابوك واسترحموك ودخلوا فيما يدفعون به عن أنفسهم من أنواع الكذب والذل وتعظيم المسؤول، وان قهروك كانوا من اظلم الناس وأقساهم قلبًا‏.‏ واقلهم رحمة وإحسانًا وعفوًا، كما قد جربه المسلمون في كل من كان عن حقائق الإيمان ابعد‏:‏ مثل التتار الذين قاتلهم المسلمون ومن يشبههم في كثير من أمورهم‏.‏ وان كان متظاهرًا بلباس جند المسلمين وعلمائهم وزهادهم وتجارهم وصناعهم، فالاعتبار بالحقائق‏:‏ ‏(‏فان اللّه لا ينظر الى صوركم ولا الى أموالكم، وإنما ينظر الى قلوبكم وإعمالكم‏)‏‏.

وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول في خطبته‏:‏ ‏(‏خير الكلام كلام اللّه، وخير الهدى هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة‏)‏، وإذا كان خير الكلام كلام اللّه، وخير الهدي هدي محمد، فكل من كان الى ذلك اقرب وهو به أشبه كان الى الكمال اقرب، وهو به أحق، ومن كان عن ذلك ابعد وشبهه به اضعف، كان عن الكمال ابعد، وبالباطل أحق‏.‏ والكامل هو من كان للّه أطوع، وعلى ما يصيبه اصبر، فكلما كان اتبع لما يأمر اللّه به ورسوله وأعظم موافقة للّه فيما يحبه ويرضاه، وصبرًا على ماقدره وقضاه، كان أكمل وأفضل‏.‏ وكل من نقص عن هذين كان فيه من النقص بحسب ذلك.


* * * * *



الخـــــــــــاتمة


قال تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ). فان التقوى طريق ذا شوك وبحر عميق ملئ بالجواهر والدرر , سبر أغوارها الأولون والآخرون ، ويحتاج في جني ثمارها وكنوزها الى طول صبر وشدة ومجاهدة وعلى قدر المعاناة تتحقق المراتب العالية والدرجات السامية والقرب من الله تعالى ولا غرو فإن العاقبة للمتقين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. اللهم أأجرنا يا كريم...


* * * * * *





المراجـــــع

مفردات ألفاظ القرآن الكريم : للراغب الأصفهاني
الموسوعة الشاملة الرابط:
http://islamport.com/b/1/quraans/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس المحيط والقاموس الوسيط لما ذهب من كلام العرب شماميط
الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=142&CID=689&SW
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(تفسير القران العظيم) للشيخ : الإمام الجليل الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي
المكتبة العصرية بيروت طبعة 1426ه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المورد المفهرس لألفاظ القران الكريم للدكتور روحي البعلبكي
دار العلم للملايين بيروت الطبعة الأولى 1999م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدراسات الإسلامية مجلة مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد –باكستان
التقوى أساس المسؤولية دراسة تحليلية على ضوء القران الكريم
ل : عبد الجواد خلف عبد الجواد
مبعوث الأزهر في باكستان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دراسة في ثمرات التقوى بقلم علال العروصي السرغيتي
مراجع الكاتب : صفوة التفاسير للشيخ محمد الصابوني
بستان العارفين للإمام النووي
من كنوز الإسلام للدكتور محمد فائز المط
ـــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية
لشيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني
المجلد العاشر
الارتباط: SR1 #التقوى=http://www.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=211&SW
ــــــــــــــــ
الفهرس


خطة البحث..............................................................................................3
المقدمة...................................................................................................4
الفصل الأول
المبحث الأول: تعريفات التقوى............................................................... 6
المبحث ألثاني : آيات التقوى من المعجم المفهرس مرتبة حسب النزول ، وتفسيرها تحليلياً................................................................................. 7-14
المبحث الثالث : تفسير الآيات إجمالياً.................................................15-16
الفصل الثاني
المبحث الأول : مقالة ( التقوى أساس المسئولية ).....................................18
المبحث الثاني : حقيقة التقوى والمسئولية فيها........................................19
المبحث الثالث: ثمرات التقوى................................................................20
المبحث الرابع : التقوى بإسقاط معاصر..............................................21-22
الخاتمة..............................................23
المراجع...................................24
الفهرس ..................................25

http://salafi.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى