منتدى أبناء السلفية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى أبناء السلفية

منتدى خاص لأبناء الجامعة السلفية


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

المنهج النبوي في مواجهة التحديات العقائدية للشباب 1

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

Admin


Admin



المنهج النبوي في مواجهة التحديات العقائدية للشباب
والاستفادة منه في العصر الحاضر

بحث مقدم للمؤتمر العالمي الثامن للندوة العالمية للشباب الإسلامي
الشباب المسلم والتحديات المعاصرة

إعـــداد
الدكتور : سليمان بن قاسم العيد





1418هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
تــــقديم
الحمد لله القائل {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}( ) ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : -
فإن الشباب في جميع الأطوار وفي أي قطر من الأقطار هم عماد حضارة الأمم ، وسر نهضتها ؛ لأنهم في سن الهمم المتوثبة والجهود المبذولة ، سن البذل والعطاء ، سن التضحية والفداء . وشباب الإسلام على الأخص ، هم عماد الحضارة الحقيقية التي انبثقت من مكة المكرمة ، تلك الحضارة التي أخرجت الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
ولقد أدرك أعداء الإسلام هذا الأثر لشباب الأمة الإسلامية ، وأدركوا معه السبب الذين يبلغون به هذا الأثر فوضعوا مخططاتهم ، وبذلوا مجهوداتهم للحيلولة دون الشباب وتلك الأسباب ، فأصبح شباب الإسلام يواجه تحديات متنوعة ، تهدف إلى إضعاف إيمانهم وإذابة شخصياتهم .
ومن هذه التحديات التي تواجه الشباب التحدي العقائدي ، لذا فقد رأيت في هذا البحث الوصول إلى كيفية مواجهة هذا التحدي العقائدي للشباب ، وذلك من خلال دراسة منهج النبي ذ مع شباب الصحابة (رضي الله عنهم) في التربية الإيمانية لهم ، ابتداء من تعليمهم قضايا الإيمان الأساسية ، ومروراً بمتابعة هذا الإيمان وتقويم اعوجاجه ، وانتهاءً بوضع توجيهات لتحصين هذا الإيمان مما ينقصه ويفسده ، وأسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لمبحث الأول
غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب
المطلب الأول : تعليم الإيمان منذ الصغر
إن من الأمور المهمة في مواجهة التحديات العقائدية للشباب أن يكون الشباب على إدراك تام للعقيدة الصحيحة ، وذلك من التعلم المسبق ، وخاصة ما كان منه في مرحلة الصغر ، لما في التعلم في هذه المرحلة من صفة الثبات ، فعن علقمة قال : (( أما تعلمت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة ))( ) .
وأنشد بعضهم :
أراني نسيت ما تعلمت في الـكبر ولست بناس ما تعلمت في الصغر
وما العلم إلا بالتعلم في الصـــــبا وما الحلم إلا بالتحلم في الكـــــبر
وما العلم بعد الشيب إلا تعسف إذا كل عزم المرء والسمع والبصـر
ولو فلق القلب المعلم في الصــــبا لأبصر فيه العلم كالنقش في الحجر( )
ولما كان الحال كذلك من أهمية العلم في الصغر ، فقد اهتم رسول الله ص بتعليم صغار الصحابة (رضي الله عنهم) أمور العقيدة، ومما يدل على ذلك ما ورد عن جندب بن عبد الله قال: ((كنا مع النبي ص ونحن فتيان حزاورة( )، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا ))( ) .
يتضح لنا من هذا الحديث أن جندب بن عبد الله (رضي الله عنه) ومن معه كانوا فتياناً عند النبي ص فتعلموا الإيمان قبل أن يتعلموا القرآن ، وهذا مما يدل على المبادرة بتعليم الإيمان للنشء قبل تعلم القرآن ، وتعليم الإيمان يقتضي التعريف بالله سبحانه وتعالى، وأحقيته بالعبادة دون من سواه، وما له من صفات الجلال والكمال والعظمة، وكذلك التعريف برسوله ص ووجوب الإيمان به، وماله من حقوق على أمته، ونحو ذلك مما يتلق بأمور الإيمان و يتناسب مع حال الناشئ، وهذا مما يفيد الناشئ قبل تعلم القرآن، في تعظيم القرآن والازدياد به إيماناً، كما يقول جندب (رضي الله عنه) : ((ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيماناً)) .
ومما كان يسلكه رسول الله ص في تعليم الصغار الإيمان حرصه على تعليم الحسن وغيره بعض الأدعية التي تتضمن بعض جوانب الإيمان كدعاء القنوت ، كما يقول الحسن بن علي (رضي الله عنهما): علمني رسول الله ص كلمات أقولهن في الوتر (( اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت))( ) .
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: كان رسول الله ص يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.( )
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: كان رسول الله ص يعلمنا هذا الدعاء كما يعلمنا السورة من القرآنSad( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك
من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات))( ).
وعن عبد الله بن عمرو قال: كان رسول الله ص يعلمنا يقول: (( اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت رب كل شيء، وإله كل شيء، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك، ورسولك، والملائكة يشهدون ، أعوذ بك من الشيطان وشركه، وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثما، أو أجره على مسلم)) ( ) .
ولو تأملنا في هذه الوقفات التعليمية من رسول الله ص لوجدنا أنها تشتمل على قضيا كثيرة من أمور العقيدة ، كتوحيد الله سبحانه وتعالى ، وتعظيمه وإجلاله، والثناء عليه، وللجوء إليه بطلب الهداية والعافية والبركة، والاستعاذة به من الفتن ، ومن عذاب جهنم ، وعذاب القبر ، وفتنة المسيح الدجال ، وفتنة المحيا والممات، والاستعاذة به من الشيطان وشركه . وهذه الأدعية ونحوها التي يتعلما الصغير هي مادة نافعة بإذن الله سبحانه وتعالى في تحصين الإيمان ، ومواجهة التحديات التي توجه الشاب في عقيدته .
كما أن هذه الأدعية التي علمها رسول الله ص لأولئك الصغار من الصحابة (رضي الله عنهم) تتصف بصفة الأداء الدوري، كتعليم الحسن دعاء القنوت، وتعليم ابن عباس دعاء التشهد، وتعليم عبدالله بن عمرو دعاء النوم( )، والاستمرار بهذه الأدعية يجعل العبد مرتبطاً بربه، ويذكره بهذه الأمور المهمة من أمور العقيدة.
ولنا أن نتصور مدى حرص رسول الله ص على تعليم هؤلاء الصغار ويتضح ذلك من عدة أمور :-
1- قول جندب بن عبدالله (رضي الله عنه) : فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن.
2- قول ابن عباس (رضي الله عنهما) : يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.
3- قول ابن عباس أيضاً : يعلمنا هذا الدعاء كما يعلمنا السورة من القرآن .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح بها أولها ، فلن يصلح شباب هذا العصر ويحمي عقائدهم من التحديات التي تواجههم بشتى أنواعها وتنوع صنوفها إلا السير على منهج رسول الله ص في ذلك ويتمثل بالنقاط :-
1- إن الصغير في هذا العصر يبدأ سنه التعليمي في السنة السادسة من عمره، وهي السنة التي في الغالب يبدأ معها تعلمه للقرآن، وغيره- إلا من اجتهد في تعليم ابنه قبل ذلك- فهنا يحسن بالآباء تعليم أبنائهم شيئاً من أمور العقيدة قبل هذا السن الذي يبدأ معه في تعلم القرآن الكريم، وذلك من أجل أن يعرف قيمة هذا القرآن ويزداد به إيمانه، وإذا علم عظمة الله سبحانه وتعالى قبل ذلك، وأن هذا القرآن هو كلامه، الذي لا يشبهه كلام أحد من البشر، ولاأحد يستطيع أن يأتي بمثل هذا القرآن من الجن والإنس ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. ومن الأمور التي يمكن أن تعلم للصغير على سبيل المثال: من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟ من الذي خلقك وخلق الناس أجمعين؟ من الذي يشفيك إذا مرضت؟ القرآن كلام من؟ لماذا يذهب الناس إلى المساجد؟... ونحو ذلك.
2- الحرص على تعليم الصغار بعض السور القصيرة من القرآن الكريم، كسورة الفاتحة، كما علمها رسول الله ص أبا سعيد بن المعلى -وكان صغيراً- حيث يقول أبو سعيد: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله ص فلم أجبه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي فقالSad( ألم يقل الله ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ثم قال لي لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)) ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقلSad( لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته))( ) .
وكذلك سور الإخلاص والمعوذتين ونحوها، وتنبيههم على ما فيها من الجوانب الإيمانية، وتوجيههم لقراءتها في مناسبات معينة. فقد أمر رسول الله ص ابن عابس (رضي الله عنه) أن يتعوذ بسورتي الفلق والناس، حيث قال : ((يا ابن عابس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون قلت بلى يا رسول الله قال قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس))( ) .
3- الحرص على تعليم الصغار أنواع من الأدعية تشتمل على أمور العقيدة، والتأكيد على حفظهم لهذه الأدعية، والمداومة على ذكرها وتردادها.
المطلب الثاني : التوضيح والبيان
لقد كان كلام رسول الله ص في تعليمه للناس بيناً واضحاً، كما تقول عائشة (رضي الله عنها) : (( كان كلام رسول الله ص كلاماً فصلاً يفهمه كل من سمعه))( ) . ومع هذا فقد رسول الله ص يسلك في تعليمه للشباب وغيرهم أمور الأيمان وسائل التوضيح والبيان، ومن ذلك على سبيل المثال:
(ا) ضرب الأمثال
ضرب الأمثال أسلوب من أساليب الإيضاح والبيان ، إن لم يكن أقواها في إبراز الحقائق المعقولة ، في صورة الأمر المحسوس . والغرض من ضرب الأمثال تشيبه الخفي بالجلي ، والغائب بالشاهد ، فيصير الحس مطابقاً للعقل ، وذلك هو النهاية في الإيضاح. وضرب المثل هو حالة تشبيه تحدث في النفس حالة التفات بارعة ، يلتفت بها المرء من الكلام الجديد إلى صورة المثل المأنوس( ) .
وفي أهمية ضرب الأمثال لتوضيح الأقوال يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : (( الأمثال مصابيح الأقوال ))( ) .
ومن الأمور المهمة في هذه المسألة أن يكون المُمَثل به أمراً معروفاً ومشهوراً لدى الممثل لهم، لتتم الفائدة، كما كان النبي ص يمثل لأصحابه بالنخلة والتمر ، والبعير ، والشوك . ومن أمثلته ص في توضيح الإيمان ما رواه الشباب أنفسهم ، فقد مثل بالزرع كما في حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) قال قال رسول الله ص Sad(مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء، والفاجر كالأرزة، صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء))( ) .
ومثل بالشاة كما في حديث ابن عمر عن النبي ص Sad(قال مثل المنافق كمثل الشاة العائرة( ) بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة))( ) .
ومثل بالشوك كما يرويه أبو هريرة وأبو سعيد الخدري (رضي الله عنهما) فيقول : ((...وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم ...))( ) .
ومثل بالأترجة ، والريحانة ، والتمرة ، والحنظلة، كما في حديث أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) عن النبي ص قال : (( مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة ، طعمها طيب وريحها طيب ، والذي لا يقرأ القرآن ، كمثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن ، كمثل الحنظلة ، طعمها مر ولا ريح لها ))( ) .
ومن جوانب الحكمة النبوية في التمثيل ما يلي :-
1- الأمور الحسية الممثل بها من واقع المجتمع الذي كان يعيشه الصحابة في ذلك الوقت .
2- بيان الفارق بين الممثل والممثل به، كما في تمثيله ص كلاليب جهنم بشوك السعدان .
3- التأكد من معرفة الممثل لهم بالمثل المضروب، كما سأل رسول الله ص الصحابة قائلاً : هل تعرفون شوك السعدان؟
(ب) استخدام وسائل الإيضاح
إن مما يساعد في إدراك الأمور المجردة لقضايا الإيمان توضيحها ببعض الوسائل المعينة، كالرسوم ونحوها، ولم يكن رسول الله ص يغفل هذا الجانب لتوضيح بعض كقضايا الإيمان، ومن ذلك ما ورد في حديث عبدالله بن مسعود(رضي الله عنه) قال:خط النبي ص خطاً مربعاً وخط خطاً في الوسط، خارجا منه، وخط خططاً صغاراً، إلى هذا الذي في الوسط، من جانبه الذي في الوسط، وقالSad( هذا الإنسان وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا))( ) .
وقد مثل ابن حجر في كتابه الفتح هذه الخطوط على النحو التالي :


وفي ثمثيل آخر يروي ابن مسعود أيضاً فيقول : خط رسول الله ص خطاً بيده ثم قال: ((هذا سبيل الله مستقيما)) . قال ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال: ((هذه السبل، وليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ {وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل} ))( ) .
ويمكن تمثيل هذا الخط على النحو التالي :

وهذه الخطوط التي وضح بها رسول الله ص بعض قضايا العقيدة أمور سهلة ولكنها ذات توضيح قوي لما تمثله، وذلك لترافق المشاهد المحسوس، مع المنطوق المسموع.
(جـ) القصص
إن مما يزيد قضايا العقيدة وضوحاً، عرضها بشكل قصصي، يجعل السامع يتصور مشاهدها، ويتخيل أحداثها، وكأنها رأي العين، فضلاً عمَّا في الأسلوب القصصي من جذب انتباه -وخاصة للشباب- فكان النبي ص كثيراً ما يعرض أمور العقيدة بشكل قصصي، وخاصة الغيبيات، كنعيم الجنة وأحوال أهلها (نسأل الله من فضله) وعذاب النار وأحوال أهلها (نعوذ بالله من سخطه) ، وذكر المسيح الدجال ... ونحو ذلك .
ومن ذلك ما قصه رسول الله ص من حال أدنى أهل الجنة منزلة، كما في حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) أن رسول الله ص قالSad( آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها، التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب، أدنني من هذه لأشرب من مائها، وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقول لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب، أدنني من هذه لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم، ما يصريني منك( )، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها، قال: يا رب، أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال هكذا ضحك رســـــول الله ص فقالوا مم تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر))( ) .
ومن تتبع أحداث هذه القصة تجعل السامع يدرك أموراً كثيرة من أمور العقيدة، كسعة رحمة الله سبحانه وتعالى، ومخاطبته لهم يوم القيامة من دون واسطة، وإثبات الضحك له سبحانه كما يليق بجلاله، إضافة إلى إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة التي ورد التصريح بها في رواية أخرى لهذه القصة( ).
(د) إجابة التساؤلات
وتتم عملية توضيح أمور العقيدة للشباب بعد ضرب الأمثال، واستخدام التخطيط، وعرضه بالقصص، بإجابة الاستفسارات الواردة منهم، وتوضيح المشكل عليهم، فقد كان النبي ص يتيح للشباب السؤال في هذا المجال، بل ويشجعهم عليهم، ويجيبهم عنه، ويزيد أحياناً في الإجابة على مطلوب السائل ، لمزيد الإيضاح، ومن ذلك على سبيل المثال سؤال الشاب عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: سألت رسول الله ص أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني))( ) .
ويجيب رسول الله ص على سؤال الشفاعة كما في حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قيل يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ يوم القيامة قال رسول الله ص ((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه))( ) .
ومن منهج إجابة التساؤلات نلحظ مايلي :-
1- استعداد الرسول ص لإجابة تساؤلا الشباب مهما كثرت .
2- تشجيع الشباب على السؤال والاستزادة من العلم .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
إن الشاب المسلم في العصر الحاضر بحاجة ماسة إلى التوضيح والبيان لأمور العقيدة، وذلك يمكن استفادته من منهج رسول الله ص على النحو التالي :-
1- من المهم جداً الاستعانة بضرب الأمثال لتوضيح قضايا العقيدة للشباب في العصر الحاضر، ولكن عند طرح هذه النصوص التي فيها ضرب الأمثال لابد من توضيح هذه الأمثال للشباب، لأنهم في الغالب لا يعرفون شوك السعدان مثلاً، أو الشاة العائر أو الأترجة أو الحنظلة، و لايكفي في ذلك مجرد التعريف اللفظي لهم، بل تعريفهم بها جيداً لتتم الفائدة من ضرب المثل، وذلك بمشاهدتهم إياها إن أمكن، أو إعادة ضرب المثل بما هو معروف لديهم، حتى يستقر المعنى في أذهانهم.
2- الاستعانة بالرسوم التخطيطية والصور التوضيحية المناسبة، لبيان بعض قضايا العقيدة، مع الاستعانة ببعض قواعد الرسم والنظريات الرياضية التي تزيد الأمر وضوحاً، فعلى سبيل المثال يمكن توضيح العلاقة بين : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان . بالرسم التخطيطي المسمى (شكل فن) وهو موضوع يتعلمه الشاب من الصف الأول متوسط، وذلك على النحو التالي:


من الشكل نرى أن كل مؤمن مسلم وكل محسن مؤمن، وليس العكس
كما يمكن تمثيل افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كما أخبر بذلك رسول الله ص
بالشكل الآتي :





الإطار المجاور يحوي ثلاثاً وسبعين مربعاً تمثل الثلاث وسبعين فرقة التي ذكرها رسول الله ص ، علماً بأنه لن ينجو من هذه الثلاث والسبعين إلا فرقة واحدة تمثلها البقعة البيضاء في وسط المربع .












إلى غير ذلك من الأشكال التخطيطية والرسوم التوضيحية التي تقرب بعض المعاني المجردة في قضايا العقيدة، أضف إلى ذلك وجود الحاسب الآلي الذي يسهل إخراج مثل هذه الأشكال .
3- الاهتمام بالقصص التي تحكي بعض أمور العقيدة، وهي القصص التي وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى أو في سنة نبيه محمد ص، وعدم اللجوء إلى تأليف شيء في ذلك، لأن هذه القصص تحكي أموراً غيبية، وأموراً تشريعية لا يمكن لنا أن نأتي بمثلها، بل يكون دورنا في هذا الجانب تبسيط مفاهيمها للشباب، وعرضها بالعرض المناسب الذي يشد السامع.
4- وأما ما يتعلق بإجابة التساؤلات فلا بد من الاهتمام باستفسارات الشباب، وتساؤلاتهم، وأكثر من ذلك لابد من تشجيعهم على السؤال والاستفهام عمَّا يشكل عليهم في مسائل العقيدة، ومن الأمور التي يجب أن ننبه إليها في هذا الجانب هو أنه قد يصعب على المربي أو الداعية أن يجيب على كل ما يرد من الشباب من تساؤلات، ففي هذه الحال تتم إحالتهم إلى أهل العلم، أو الكتب النافعة التي يجدون فيها بغيتهم، فهي ولله الحمد متوفرة في العصر الحاضر لتوفر المطابع وسهولة النشر.

المطلب الثالث : إثارة الانتباه واغتنام الفرص
من منهج رسول الله ص في غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب إثارة الانتباه لما يريد أن يعلمهم إياه ، ويعرفهم به، وذلك يجعل الشاب مستعداً لما يلقى إليه، بتوجيه حواسه وتركيز ذهنه، إضافة إلى ذلك فإن النبي ص يغتنم الفرصة المناسبة لهذا التعليم، والمواقف في هذا كثيرة ، فمنها ما حصل لمعاذ بن جبل (رضي الله عنه) حيث يقول : (( بينما أنا رديف النبي ص ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، فقال: يا معاذ! قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك! ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك! ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك! قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك! قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم))( ) .
تلقى الشاب معاذ بن جبل (رضي الله عنه) درساً بليغاً في العقيدة، وقد تأثر به تأثراً شديداً، مما جعله لا يكتفي برواية ما سمعه من رسول الله ص من كلام مقصود، بل يروي تفاصيل حاله مع النبي ص ، ومن تلك المؤثرات في هذا الموقف ما يلي :-
1- تكرار النداء (( يا معاذ بن جبل )) ... (( يا معاذ بن جبل )) ... (( يا معاذ بن جبل )) ...مع كون معاذ بن جبل قريباً منه، مما جعله شديد الاتنباه ، متهيئاً للسماع .
2- السكوت بعد النداء، وذلك يدعو إلى التفكير في أهمية الأمر .
3- ابتداء الدرس بإلقاء سؤال : هل تدري ما حق الله على عباده؟
كما كان رسول الله ص لا يدع فرصة تمر على الشباب دون أن يغتنمها ويجعل منها درساً بليغاً في العقيدة، أو موعظة مؤثرة كثيراً ما تدمع منها العيون، وتوجل منها القلوب، والتوجيه المناسب لذه الحادثة أو هذا الموقف ، أو هذه الحالة يجعل الشباب يأخذوا منه درساً لا ينسى، وذلك لارتباطه بهذا الواقع المشاهد ، أو صلته بمناسبة لابسها الناس وعايشوها، وهنا يرسخ التعليم في الذهن ويثبت في القلب ولا يحتاج إلى تطويل وتكرار.
ومن أمثلة اغتنام الفرص ما رواه عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد( ) ، فأتانا النبي ص فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة( )، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ((ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتب شقية أو سعيدة)) فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: ((أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة)) ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى } الآية( ) .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
إن ما فعله رسول الله ص مع معاذ بن جبل (رضي الله عنه) من أسلوب لإثارة الانتباه يمكن تطبيقه في كل عصر، فهذه الطرقة نفسها يمكن أن نسلكها مع الشباب في العصر الحاضر، لشد انتباههم، أضف إلى ذلك أن أسلوب السكت في وقت ينتظر فيه السامع الحديث مما يشد الانتباه ويجمع الذهن.
وأما ما يتعلق في اغتنام الفرص فكم هي الفرص التي تمر على الشباب في العصر الحاضر التي تكون مناسبة لفرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم، ومن ذلك على سبيل المثال:
عند ما يشاهد الشاب في هذا العصر صور النجوم والكواكب وبعض المجرات التي تلتقطها الأقمار الصناعية، أو يطلع على بعض دقائق تركيب الكائنات النباتية أو الحيوانية، يكون ذلك مناسباً لبيان قدرة الخالق سبحانه وتعالى وعظمته .
عند ما يسافر الشاب في الطائرة ويكون فوق السحاب يلفت نظره إلى شكل السحاب الذي يبدو وكأنه جبال على سطح الأرض، وقد وصف المولى سبحانه السحاب بالجبال ، كما في قوله سبحانه { وَيُنَزّلُ مِنَ السّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأبْصَارِ}( ) ، وإن هذا الواقع المشاهد وأمثاله، مما يزيد الشاب إيماناً ويقيناً.
ومن المناسب أيضاً في تقرير مسألة مهمة من مسائل العقيدة ، لفت أنظار الشباب إلى الشمس في يوم صحو ، أو إلى القمر في ليلة البدر، ثم يقال لهم إن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة ، كما ترون هذه الشمس أو هذا القمر.




المبحث الثاني
المتابعة وتقويم الأخطاء
المطلب الأول : التعاهد بالوصية
إضافة لما كان يسلكه الرسول ص في غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب من التعليم في الصغر ثم التوضيح والبيان وإثارة الانتباه واغتنام الفرص، فقد كان ص يحرص على متابعة هذا الغرس ، وتعاهد الإيمان في القلوب، ببذل الوصايا لهم ، ومن وصاياه ص في هذا الجانب ما يلي :-
احفظ الله يحفظك
عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: كنت خلف رسول الله ص يوماً فقال: ((يا غلام! إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف))( ) .
فهذه وصية عظيمة من رسول الله ص لابن عمه الغلام ابن عباس، وصية يتكفل الله سبحانه وتعالى لمن عمل بها أن يحفظه في أموره كلها ، ومن جملتها أعز ما يملكه الإنسان إيمانه بربه ، فيحفظه الله سبحانه وتعالى من الشبهات المضلة ، ومن الشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه على الإيمان( ).


اتق الله حيثما كنت
ومن الوصايا الإيمانية وصيته ص لأبي ذر (رضي الله عنه) قال: قال لي رسول الله ص Sad(اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))( ).
وهذه الوصية نفسها أوصى بها الشاب معاذ بن جبل (رضي الله عنه) حيث قال : يا رسول الله! أوصني، قال: (( اتق الله حيثما كنت -أو أينما كنت- قال: زدني قال: أتبع السيئة الحسنة تمحها، قال: زدني، قال: خالق الناس بخلق حسن))( ) .
استحيوا من الله حق الحيا
ويروي عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) وصية أخرى من الوصايا الإيمانية حيث يقول : قال رسول الله ص Sad(استحيوا من الله حق الحياء، قال: قلنا يا رسول الله! إنا نستحيي والحمد لله، قال، ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))( ) .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
لاشك أن الشباب في العصر الحاضر بحاجة ماسة إلى تعاهد إيمانه بالوصايا النافعة، لما يواجهونه في حياتهم من التحديات وكثرة المغريات، ومن نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن بقيت وصايا رسول الله ص محفوظة إلى هذا الزمان،وستبقى إلى أن يشاء الله، فعلينا أن ندرك هذه الوصايا جيداً ونعيها ونتعاهد بها شبابنا .
فهذه الوصايا والمذكورة وغيرها من وصايا رسول الله ص في مجال العقيدة فيها مادة غنية لتعاهد إيمان الشباب ، فعلى سبيل المثال الوصية (احفظ الله يحفظك) مهمة للناس عامة وللشباب خاصة لأنهم معرضون أكثر من الكبار للتغير والانحراف، أضف إلى هذه الطبيعة ما استحدث في هذا العصر من وسائل الإغراء الموجهة للشباب خاصة . ومع هذا أيضاً فإنه يجب على أولياء أمور الشباب أن يكونوا عوناً لهؤلاء الشباب حتى يتمكنوا من تنفيذ هذه الوصية، وذلك يعني أن لا نتيح لهم وسائل المعصية ثم نطالبهم بتنفيذ هذه الوصية، بل لابد أن نبعدهم ونبعد عنهم كل ما هو سبب لمخالفة هذه الوصية الجليلة.
والوصية (اتق الله حيثما كنت) توقظ فيهم مراقبة الله سبحانه وتعالى، وخشيته، في كل زمان ومكان، فالشاب معرض أكثر من غيره للوقوع في المعصية، لقوة دافع الشهوة عنده، فإذا ضعفت نفسه وزلت به قدمه، فإنه يجد في وصية رسول الله ص ما يمحو ذنبه ويريح قلبه.
والوصية (استحيوا من الله حق الحياء) توقظ في شبابنا مراقبة الله سبحانه وتعالى، والاستحياء منه، بحفظ الرأس وما وعى، ففيه السمع والبصر ولا تفكير والشم والذوق، فكل هذه الحواس معرضة لعمل الخير والشر . وفي هذه الوصية أيضاً إرشاد لحفظ البطن وما حوى، فلا بد من حفظه من المطعم الحرام والمشرب الحرام ... وفيها أيضاً حث للشباب على تذكر الموت، لأن الشباب عادة تطول عندهم الآمال ويغفلون عن هذه النهاية الحتمية، وخاصة مع ازدياد نعيم الحياة، وتوفر الملذات .
كل ذلك على سبيل المثال لا الحصر، وإلا فالوصايا النبوية للشباب في مجال العقيدة كثيرة لا يتسع المقام لعرض أكثر من ذلك، فعلى الدعاة والقائمين على تربية الشباب في العصر الحاضر تتبع مثل هذه الوصايا وتعاهد الشباب بها، حفظاً لإيمانهم ورعاية لأخلاقهم.





المطلب الثاني : امتحان إيمان الشباب
قال تعالى {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}( ) . يقول سيد قطب حول هذه الآية : إن الإيمان ليس كلمة تقال، إنما هو حقيقة ذات تكليف، وأمانة ذات أعباء ، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال، ولا يكفي أن يقول الناس : آمنا . وهم لا يتركون لهذه الدعوى ، حتى يتعرضوا للفتنة، فيثبتوا عليها، ويخرجوا منها، صافية عناصرهم، خالصة قلوبهم ، كما تفتن النار الذهب، لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة، العالقة به . إن الإيمان أمانة في الأرض لا يحملها إلا من هم لها أهل، وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص .
ولما كانت هذه حقيقة الإيمان، وهذه حال المؤمن، كان الرسول ص حريصاً على أن يبلغ الشباب حقيقة الإيمان،لتكون لهم القدرة على حمل الأمانة، والقيام بالتكاليف، والثبات عند الفتن، فكان يمتحن ما عندهم من الإيمان ومدى رسوخهم فيه، وبهذا يتسنى له إكمال نقصه، وإصلاح خلله، وتفسير غامضة، ومن مواقفه (عليه الصلاة والسلام) في امتحان الشباب ما يلي:-
عن خباب بن الأرت (رضي الله عنه) قال: شكونا إلى رسول الله ص وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قالSad( كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالميشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون))( ) .
في هذا الحديث امتحان لصبر الشاب خباب بن الأرت ومن معه من المؤمنين، وخاصة هم المؤمنون الأوائل، الذي حملوا عبء الدعوة في مهدها، فإن هذه المرحلة من الدعوة بحاجة إلى رجال علىجانب كبير من الصبر والثبات وتحمل الأذى في سبيل الله.
وعن عبدالله بن عمرو قال: قال لي رسول الله ص Sad(كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟ قال: قلت يا رسول الله! كيف ذلك؟ قال: إذا مرجت عهودهم، وأماناتهم، وكانوا هكذا -وشبك يونس بين أصابعه يصف ذاك- قال: قلت ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: اتق الله عز وجل وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم))( ) .
في هذا الحديث امتحان لإيمان الشاب عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه) لمعرفة ماذا سيفعل في حال ظهور الفتن واختلاط الأمور .
ومن مواقف امتحان الشباب حديث معاذ بن جبل (رضي الله عنه) المذكور سابقاً، وذلك عندما سأله رسول الله ص : هل تدري ما حق الله على عباده؟ وقال أيضاً هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟( ) .
وهذه المواقف من امتحان إيمان الشباب تفيد أموراً منها :-
1- معرفة قدرة الشباب على تحمل التكاليف الإيمانية .
2- معرفة ماعندهم من النقص في فهم بعض القضايا الإيمانية .
3- توجيههم إلى ما يجب فعله في حال الفتن .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
إن عملية امتحان الإيمان مهمة لشباب هذا العصر ، فعلى سبيل المثال عندما يراد بعث الشباب إلى بلاد غير إسلامية تكثر فيها الفتن ويخشى على الشاب في دينه، يتم امتحان إيمانه قبل بعثه، لمعرفة مدى ثباته في الإيمان، وقدرته على مواجهة التحديات التي يحتمل أن يتعرض لها في سفره، مع التركيز على بعض الشبه التي تورد على الشباب المسلم عادة في هذه البلاد أو تلك، ويتم معرفة هذه الشبه ونحوها من التحديات من الشباب الذين واجهوا مثل هذه التحديات في وقت سابق.
كذلك مما يستفاد من هذا المنهج في العصر الحاضر امتحان ما عندهم من العلم بقضية من قضايا الإيمان أولاً عندما يراد إعطائهم درس فيها، كما فعل رسول الله ص مع الشاب معاذ بن جبل (رضي الله عنه) . وكذلك امتحانهم بعد إعطاء الدرس للتأكد من فهمهم له فهماً صحيحاً.
ومن ذلك أيضاً اختبار أحوالهم عند الفتن المتوقعة في المستقبل، كأن يقال للشاب على سبيل المثال : كيف تصنع إذا أصبحت محطات التلفاز في منزلك كمحطات الإذاعة؟ ومن خلال إجابته على هذا السؤال يمكن توجيهه التوجيه المناسب .
كذلك يمكن الاستفادة من المنهج النبوي في امتحان الشباب لامتحان قوة الإيمان ومدى رسوخهم فيه وذلك عندما يراد تكليفهم بمهمة أو وظيفة تتطلب ذلك، ومن ذلك على سبيل المثال عندما يكون أميناً على خزائن الأموال، أو في موضع يتعرض فيه لفتنة النساء، أو فتنة المال كأن تعرض عليه الرشاوى المغرية، فإذا يكن لديه من قوة الإيمان بالله عز وجل ما يحميه من السقوط كان من ولاه سبباً في القضاء عليه في فتنته في دينه.

المطلب الثالث : تقويم إيمان الشباب
وإذا كانت مرحلة إيمان الشباب مرحلة مهمة لمعرفة ما يوجد من الخلل والنقص عند الشباب في هذا الجانب، فإن الأمر لا يتوقف عند هذا بل بأتي مرحلة التقويم لذلك الخلل ، فقد كان النبي ص لا يغفل عن سلامة عقيدة شباب أمته وقوة إيمانهم، فعندما يدرك الخطأ يبادر في إصلاحه ، ويسد خلله ، ويكمل نقصه، حتى ينشأ الجيل قوي الإيمان ثابت الجنان، وكان أسلوب النبي ص في تقويمه للأخطاء أسلوباً حكيماً، كيف لا؟! وقد أمره ربه سبحانه وتعالى بقوله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة الموعظة الحسنة} والشباب بخاصة إلى أسلوب حكيم في مواجهة أخطائهم، ومن الأسلوب الحكيم للنبي ص في تقويم الأخطاء في الإيمان ما يلي :-
1- التعليل وإيجاد البديل
عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال : ((كنا نصلي خلف النبي ص فنقول : السلام على الله. فقال النبي ص : إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله))( ) .
من الملاحظ في هذه الرواية أن النبي ص لما أدرك الخطأ لم يسكت عنه، بل أنكره، ولم يكتف بهذا بل علل الإنكار بقوله : ((إن الله هو السلام)) . قال البيضاوي ما حاصله : إنه أنكر التسليم على الله، وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال ، فإن كل سلام ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها. وقال غيره : وجه النهي لأنه المرجوع إليه بالمسائل، المتعالي عن المعاني المذكورة، فكيف يدعى له وهو المدعو على الحالات( ) .
وبعد التعليل يوجد النبي ص البديل لهذا القول ((ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات...)) وفي رواية أخرى( ) ((فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء ، أو بين السماء
والأرض)) تعليل
للبديل وترغيب فيه
.

http://salafi.roo7.biz

Admin


Admin

2- الإشعار بعظم الخطأ
عن أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) قال : ((بعثنا رسول الله ص إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار، رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي ص فقال: يا أسامة! أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله. قلت: كان متعوذاً. فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم))( ) .
وفي رواية( ) أن رسول الله ص قال لأسامةSad( كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟!)) . فلم تمنع مكانة أسامة بن زيد (رضي الله عنه) عند رسول الله ص وحبه له، من أن يقف من أسامة موقف المغلظ عليه، المبين له خطر ما وقع فيه، فأخذ رسول الله ص يكرر الإنكار، حتى أدرك أسامة بن زيد (رضي الله عنه) فداحة غلطته، وخطر زلته، وخشي من عاقبة ذلك . وكان هذا الموقف كفيلاً بأن يلقن أسامة بن زيد درساً لا ينساه، ولا يعود إلى مثل ذلك العمل مرة أخرى، ويعبر أسامة بن زيد (رضي الله عنه) عن شدة تأثره بهذا الدرس فيقول : ((فلا والله لا أقاتل أحداً قال : لا إله إلا الله، بعد ما سمعت رسول الله ص ))( ).
3- الإيحاء بالغضب
عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: ((أهدى إلي النبي ص حلة سيراء( ) فلبستها فرأيت الغضب في وجهه فشققتها بين نسائي))( )
إن الخطأ الذي وقع فيه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) هو لبس ثياب تحرم على الرجال، لما فيها من الحرير، فلما رآه رسول الله ص غضب لهذا العمل، فكان هذا الغضب من رسول الله ص الذي أدركه علي (رضي الله عنه) كافياً لأن يدرك علي خطأه، ويقلع عنه.

4- الإلزام والتحذير من العواقب
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: خرج علينا رسول الله ص ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر وجهه، حتى كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقالSad( أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم، إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت( ) عليكم ألا تتنازعوا فيه))( ) .
إن الخطأ الذي وقع فيه الشاب أبو هريرة ومن معه هو الخوض في القدر، فكان رد الفعل الحاصل من رسول الله ص لما علم لهذا الخطأ يتمثل في الغضب أولاً، وهو ما أدركوه منه حال رؤيتهم له، ثم التحذير من عاقبة هذا الخطأ، ثم الإلزام بالبعد عن هذا الخطأ .
5- العتاب والعقاب
قد يحتاج الخطأ الحاصل الشباب في قضية من قضايا الإيمان إلى عتاب أوعقاب - ولكن بحدود معينة بعيدة عن العواطف ، والانفعالات - فلم يكن النبي ص يعاتب شباب الصحابة بكلمات جارحة أو زائدة عن حدودها.
لقد عاتب رسول الله ص الشاب معاذ بن جبل (رضي الله عنه) عندما شكاه قومه إلى رسول الله ص لإطالة الصلاة بهم، ولكن الرسول ص في عتابه لمعاذ لم يزد على قوله : (( يا معاذ! أفتان أنت ، أفتان أنت؟ اقرأ بكذا))( ).
وقد يتجاوز تقويم الخطأ مرحلة العتاب إلى مرحلة العقاب حسب حجم الخطأ وملابساته، ومن أمثلة ذلك ما عاقب به رسول الله ص الشاب كعب بم مالك (رضي الله عنه) عند ما تخلف عن الخروج إلى غزوة تبوك، وذلك عندما نهى الناس عن كلامهم، فجلسوا في هذه العزلة خمسين ليلة حتى أنزل الله سبحانه وتعالى توبتهم( ).
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
أسلوب تقويم أخطاء الشباب في الإيمان ذو أهمية كبيرة في إطار مواجهة التحديات العقائدية للشباب، وذلك لأن الحكمة فيه عون للشباب على تجاوز تلك النحديات، وفقد الحكمة في هذا الجانب مما يكون سبباً لتأثر الشباب بهذه التحديات.
فعلى القائمين على تربية الشباب من أولياء أمور ومعلمين ونحوهم، أن يتأملوا في منهج النبي ص في ذلك ويسيروا على هديه، فعلى سبيل المثال يجب أن لايغفلوا في التقويم منهج التعليل وإيجاد البديل، فإن الشاب عندما يبين له وجه الخطأ الذي وقع فيه، يكون أكثر قناعة في هذا التقويم، وكذلك عندما يوجد له البديل المناسب -إن كان هناك بديل لذلك العمل أو القول- فإن هذا بدوره يسهل عليه الخلاص مما هو فيه، ومما يزيد الأمر سهولة ترغيبه في البديل المطروح.
ومما يستفاد منه في هذا الجانب، إشعار الشباب بعظم الخطأ الذي يقعون فيه في أمر العقيدة، فكثير من الشباب يتردد على ألسنتهم بعض الكلمات والعبارات الخطيرة، التي تصل أحياناً إلى الكفر والعياذ بالله، فهنا لابد من تذكيرهم بقول الرسول ص فيما رواه أبو هريرة (رضي الله عنه) أنه سمع رسول الله ص يقول Sad(إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق))( ) .
فعلى سبيل المثال عند ما يحلف بغير الله يقال له: اتق الله ! فقولك هذا كفر أو شرك.
وعند ما يلعن أحد والد أحد من الناس، يقال له : لقد تسببت في لعن والديك ، وذلك أن رسول الله ص يقول : ((من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه))( ).


المبحث الثالث
تحصين إيمان الشباب
المطلب الأول : الحث على التمسك بالكتاب والسنة
الإيمان في قلوب الشباب ليس أمراً ثابتاً ، لا يزول ، ولا يحول ، ولا ينقص ولا يزيد، بل هو معرض للنقص والزيادة، وفوق هذا فإنه معرض أيضاً للزوال بالكلية من القلب، فيعود الإنسان إلى الضلال بعد الهدى ، وإلى الكفر بعد الإيمان (أعاذنا الله من ذلك) ، فإن رسول الله ص خشي على شباب الصحابة (رضي الله عنه) من نقص الإيمان وزواله، بسبب التحديات التي تتمثل في الفتن التي يتوقع مواجهتها في حياتهم .
ولقد نبه الرسول ص شباب صحابته إلى شيء من هذه الفتن بأحاديث كثيرة ، منها ما ورد عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : رسول الله ص : ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، من تَشَرَّف لها تستشرفه( ) ، فمن وجد منها ملجأ أو معاذاً فليعذ به))( ) .
وعن أسامة بن زيد (رضي الله عنه) قال : أشرف رسول الله ص على أطم من آطام( ) المدينة ، فقال : ((هل ترون ما أرى ؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم : كمواقع القطر( ) ))( ) .
ولما كانت الحال كذلك فإن رسول الله ص لم يترك عقائد الشباب نهباً لهذه الفتن، فقد حرص عليه الصلاة والسلام على صيانة هذه العقيدة وتحصين هذا الأيمان بأمور كثيرة من أهمها الحث على التمسك بالكتاب والسنة ، ومن التوجيهات النبوية في ذلك ما يلي:-
عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال : سمعت رسول الله ص يقول : ((ألا إنها ستكون فتنة)) فقلت : وما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : ((كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحُكمُ ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جَبَّار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله ، وهو حبلُ الله المتين ، وهو الذكر الحكيــــم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلمــاء ، ولا يخلق على كثـــرة الرد ، ولا تنقضي عجــائبـــه ، هو الذي لم تنته الجــن إذ سمعته حتى قــالــوا : {إنا سمعنا قرءاناً عجباً يهدي إلى الرشد} من قال به صُدِّقَ ، ومن عَمِلَ به أُجِرَ ، ومن حَكَمَ به عَدَل ، ومن دَعَا إليه هَدَى إلى صراط مستقيم))( ). ففي هذا الحديث توجيه من رسول الله ص للشاب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) بالتمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وقت الفتن ، وزاده أيضاً ترغيباً بالتمسك في هذا الكتاب العظيم ببيان شيئاً من خصائصه .
ومن توجيهاته ص في التمسك بالكتاب والسنة للسلامة من الضلال ، والنجاة من التحديات قوله : ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله ، وسنة نبيه))( ).
وعن العرباض بن سارية (رضي الله عنه) قال : وعظنا رسول الله ص يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل : إن هذه موعظة مودع ، فبماذا تعهد إلينا يارسول الله قــال : ((أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإنها ضلالة ، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ))( ) .
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
التمسك بالكتاب والسنة زاد قوي للخلاص من الفتن ومواجهات التحديات، ولذا أوصى به رسول الله ص شباب أمته في وقته، وأولئك الشباب شباب الصحابة (رضي الله عنهم) كانوا على ماهم عليه من قوة الإيمان وشدة التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله ص ومع هذا كله فقد وردت لهم الوصية من رسول الله ص .
وشباب العصر الحاضر بحاجة ماسة إلى مثل هذا التوجيه لما هم عليه من ضعف الإيمان وكثرة التحديات ، وضعف التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله ص. ويتمثل الحث على التمسك بالكتاب والسنة في العصر الحاضر بعدة أمور أهمها :-
1- نتعاهدهم بالآيات والأحاديث التي تحثهم على ذلك وترغبهم فيه .
2- تعريفهم بأحوال من تمسك بكتاب الله وسنة رسوله ص من سلف هذه الأمة، والأثر الإيجابي لهذا التمسك في حياتهم .
3- تعريفهم بأحوال من أعرض عن كتاب الله وسنة رسول الله ص، من السابقين، وبيان الأثر السلبي لهذا الإعراض على حياتهم .
4- تشجيع الشباب على حفظ كتاب الله سبحانه وتعالى ومعرفة تفسيره ، وحفظ ما تيسر من سنة رسوله الكريم ص ، ومعرفة معانيها ، مع التركيز في المناهج الدراسية على هذا الجانب .
5- التوجيه الواعي للشباب لما تنشره المطابع الحديثة من الكتب الكثيرة والصحف والمجلات ، وما تبثه وسائل الإعلام الحديثة من مواد إعلامية، حتى لا تصرف هذه الأشياء ونحوها الشباب عن تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وحفظه ومعرفة تفسيره ، وكذا لا تصرفه عن السنة المطهرة حفظاً ودراسة .
6- حث الشباب على اقتناء الكتب المناسبة من التفسير والحديث، وأن تكون هذه الكتب هي مصادره الأولى في بحثه ومطالعته، وأن يوجه من أساتذته ومعلميه إلى كيفية الإستقاء منها، والعودة إليها .

المطلب الثاني : التحذير من أماكن الفتن
قد تتمثل التحديات التي تواجه الشباب في عقائدهم في أماكن معينة، ولذا فإن رسول الله ص لم يغفل هذا الجانب، فقد حذر صحابته ص بعض الأماكن التي يتعرضون فيها للفتنة في دينهم ، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في حديث أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله ص قال له : ((يا أنس ، إن الناس يُمصَّرُونَ أمصـاراً( )، وإن مصراً منها يقال له البصرة( ) أو البصيرة ، فإن أنت مررت بها ، أو دخلتها فإياك وسِباخها( )وكَلاَّءَها( ) وسُوقَها ، وباب أُمرائها ، وعليك بضواحيها ، فإنه يكون خَسفٌ وقذفٌ وَرَجفٌ ، وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير))( ). في هذا الحديث تحذير من رسول الله بعدم المجيء إلى أماكن الفتن التي تكون سبباً في نزول العقوبة على أصحابها.
وقد يتحول المكان الذي يوجد فيها الإنسان إلى مكان فتنة في الدين ، فهنا يوجه رسول الله ص للخروج من هذا المكان بعداً عن الفتنة ، كما في حديث أبي بكرة (رضي الله عنه) : ((إنها ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيراً من الجالس ، والجالس خيراً من القائم ، والقائم خيراً من الماشي ، والماشي خيراً من الساعي)) قال : يا رسول الله ! ما تامرني ؟ قال : ((من كانت له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه)) قال : فمن لم يكن له شيء من ذلك ؟ قال : ((فليعمد إلى سيفه ، فليضرب بحده على حرة ، ثم لينج ما استطاع من النجاء))( ) .
في هذا الحديث بيان من رسول الله ص لشدة خطر الفتنة، وتوجيه منه ص للهرب منها، والبعد عنها، ومن ليس له مكان يلوذ به ويهرب فيه عن الفتنة فعليه أن يكسر حد سيفه كناية عن البعد عن القتال في الفتن( ) .
وقد تتمثل الفتنة في مركز عملي أو منصب وظيفي، يكون سبباً في هلاك الشاب في دينه ، وقد حذر رسول الله ص من طلب المناصب لمن لا يقدر عليها، وليس أهلاً لها ، فعن عبد الرحمن بن سمرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله ص : ((يا عبد الرحمن ، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها عن مسألة أُكلت إليها ، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها))( ) .
وعن أبي ذر (رضي الله عنه) قال : يا رسول الله ، ألا تستعملني ؟ قال : فضرب بيده على منكبي ، ثم قال : ((يا أبا ذر ، إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها))( ) .
ومن كان حريصاً على الإمارة وسعى لتحصيلها ، فإن ذلك يكون نقصاً له في دينه، فقد يتنازل عن شيء منه للحفاظ عليها . والحكمة في أنه لا يولى من سأل الولاية هي : أنه يوكل إليها ، ولا تكون معه إعانة ، وإذا لم تكن معه إعانة لم يكن كفئاً ، ولا يولى غير الكفء . ولأن فيه تهمة للطالب والحريص( ).
وحديث أبي ذر أصل عظيم في اجتناب الولايات لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية ، وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلاً لها ، أو كان أهلاً ولم يعدل فيها ، فيخزيه الله يوم القيامة ، ويفضحه ويندم على ما فرط( ).
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
وأما في العصر الحاضر ، وما أدراك ما العصر الحضر ! فكم هي أماكن الفتن التي تفسد على الشباب عقائدهم ، أضف إلى ذلك سهولة الوصول إليها والرغبة فيها، فأصبح الآن من السهل على الشباب المسلم السفر إلى البلاد غير الإسلامية، ولو كانت في أقصى الدنيا، تلك البلاد التي يتعرض فيها الشاب المسلم إلى التحدي في عقيدته، وإلى الصد عن دينه، بمختلف الوسائل وشتى الأساليب.
ولقد حكى لي أحد الشباب الذي سافر إلى أمريكا للدراسة أنه يأتيهم في بعض الأيام في منزلهم من يدعوهم إلى الكفر والضلال ، فالشاب إذا لم يكن عنده قدر كاف من الحصانة في دينه، فربما انخدع بمثل هذه الدعوات، واستجاب لها .
ومثل هذا شاب آخر سافر إلى إحدى الدول ، وكان عنده من الضعف في دينه ما كان سبباً في وقوعه في إدمان المخدرات قبل سفره، وكان سفره من أجل الحصول على شيء من المخدر ، ولكنه لم يكن لديه من الثمن ما يمكنه من شراء ما يريد، فماذا حصل؟ طلب منه البائع ثمناً غريباً للمخدر ، طلب منه أن يسجد للصنم ثمناً للمخدر !!! .
ولصيانة عقائد الشباب من هذا الفساد المحتمل بسبب الأسفار وأمثاله، بتطبيق منهج النبي ص في التحذير من أماكن الفتن ، وذلك بالحد من سفر الشباب لغير حاجة، وعندما تكون الحاجة للسفر لابد من تحذيرهم من الفتن التي يحتمل أن يواجهونها في أسفارهم ، ولقد أحسنت الحكومة السعودية الحريصة على سلامة عقائد شبابها، في تحديد سن السفر للشباب، كما أحسنت أيضاً في عمل دورات خاصة للمبتعثين لتبصير الشباب في دينهم، وتحذيرهم مما يتوقع مواجهة من التحديات، وكيفية مواجهتا.
وفي هذا الجانب أيضاً لابد أن يكون التوجيه إيجابياً، فلا يكفي أن نحذر الشباب من هذه الأماكن فقط، فلا بد من دلالتهم على الأماكن لتي يأمنون فيها على عقائدهم، كما هو منهج رسول الله ص فقد حذر الشاب أنس ين مالك (رضي الله عنه) من أماكن وأمره بأن يلزم أماكن، حيث قال له : ((فإياك وسِباخها وكَلاَّءَها وسُوقَها ، وباب أُمرائها، وعليك بضواحيها)) . فيقال للشاب مثلاً : إياك ومدينة كذا ، إياك وحي كذا ، إياك وشارع كذا . وعليك بمدينة كذا ، أو حي كذا ونحوها .
وربما كانت أماكن الفتن لا تحتاج إلى سفر، فهي داخل الدولة الإسلامية، كدور السينما، والملاهي ونحوها، التي تنخر في عقائد شبابها، فعلى الدول الإسلامية أن تتقي الله سبحانه وتعالى في الخلاص من هذه الأماكن وما في حكمها، لسلامة عقائد شبابها.
فهذه الأماكن الموجودة في الدول في بعض الدول الإسلامية تشكل تحد كبير لعقيدة الشباب، وتشكل معارضة وهدماً لما يتلقاه الشاب من ولي أمره أو معلمه من تربية إيمانية، فحالهم مع هذه الأماكن كقول الشاعر :
وكيف يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
ومما نستفيده من المنهج النبوي في التحذير من أماكن الفتن، عدم تمكين الشباب من تولي المناصب والمسئوليات التي ربما كانت ضرراً عليهم في عقائدهم، لأن الشباب في الغالب يحبون الظهور بطبيعتهم، ويحبون المكانة، فربما سعوا إلى شيء من هذه المناصب طلباً للمكانة، وهم ليسوا أهلاً لها، ولا يقدرون القيام بواجباتها، فيتنازلون عن شيء من دينهم حفاظاً على مراكزهم.
ومما يستفاد أيضاً من المنهج النبوي في هذا الجانب تحذير الشباب من الدخول في حرب أو نصرة أحد عند كثرة الفتن واختلاط الأمور .

المطلب الثالث: التحذير من الخوض في الشبه
مـا أكثر الشبهــات التي تورد على الشبــاب في كل زمان ومكــان . فما لم يكن عندهم الحصانة الإيمانية والعلم الكــافي ، فإنه يخشى عليهم من ضعف أو شكّ في إيمانهم. والبعد عن مكان الفتنة وعدم الخوض فيها أسلم مهما كان لدى الشباب من الإيمان والعلم. ومن حرص رسول الله ص على سلامة عقائد الشباب فقد ص يحذرهم من الخوض فيها، كما في حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي ص قال : ((لا يزال الناس يسألونك يا أبا هريرة ، حتى يقولوا : هذا الله ، فمن خلق الله ؟ ))( ) .
بيَّن رسول الله ص لأبي هريرة فتنة محتملة سيواجهها في مستقبل عمره ، وكان (عليه الصلاة والسلام) قد بين في حديث آخر ما يقال عند ذلك بقوله : ((فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله ))( ) .
وقد حصل ما حذر منه رسول الله ص واستفاد أبو هريرة (رضي الله عنه) من الدرس السابق ، كما يقول : ((فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا : يا أبا هريرة، هذا الله ، فمن خلق الله ؟ فأخذ حصى بكفه فرماهم . ثم قال : قوموا .. قوموا .. صدق خليلي))( ) .
وهذا الإخبار والتوجيه من رسول الله ص للشاب أبي هريرة (رضي الله عنه) يعتبر من دلائل النبوة، لأن الرسول ص أخبر عن أمر لم يحصل بعد، وحصل على الوجه الذي أخبر به.
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
إن الشباب في العصر الحاضر لا يسلمون من إيراد بعض الشبه عليهم، لتشكيكهم في دينهم، والتلبيس عليهم في عقائدهم، فهنا لابد من تحذير الشباب من الخوض في هذه الشبه التي تورد عليهم، ما لم يكن لديهم العلم الكافي للسلامة منها والرد عليها.
ومما يحتمل إيراده على الشباب في هذا الزمان، ما يتعلق بالنظام السياسي والاقتصادي، بحجة أن الإسلام جاء منذ أكثر من 1400عام، وكانت الوضع السياسي والاقتصادي في ذلك الزمان يختلف عنه تماماً في هذا الزمان، ومع تقدم الزمان وتطور الأوطان، تغيرت الأوضاع السياسية والاقتصادية للعالم بأسره، فلم تعد النظم الإسلامية في هذين الجانبين تواكب التطور والتغير الذي حصل للعالم بأسره، فلا بد من إيجاد نظم بديلة تتوافق مع تطورات العصر . وكذلك ما يثيره البعض على شباب المسلمين في تعدد زوجات رسول الله ص إلى حد أكثر مما أبيح لأمته.
ففي مثل هذه الشبه يجب ألا يخوض الشاب فيها فيخرج منهزماً، وقد تشربت نفسه بعض الأفكار الخبيثة، إلا إذا كانت لديه القدرة الكافية على الموجهة والإقناع .
ويضاف إلى ذلك ما يثيره أهل البدع والضلال على الشباب في مسائل القدر أو في مسائل الأسماء والصفات ونحوها، فهنا أيضاً يحذر الشباب من الخوض فيها إلا لمصلحة .

المطلب الرابع : التحصن بالعمل الصالح
لم يكتف النبي ص لتحصين إيمان الشباب في إطار مواجهة التحديات العقائدية للشباب بالحث على التمسك بالكتب والسنة، و بالتحذير من أماكن الفتن، والتحذير من الخوض في الشبه، بل أضاف إلى ذلك حثهم على التحصن بالعمل الصالح، لما فيه من النفع الكبير لسلامة عقائدهم ، وتجاوز التحديات التي تواجههم، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله ص : ((بادروا بالأعمال ، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا))( ) في هذا الحديث يحث الرسول ص على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة ، المتكاثرة ، المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر ، ووصف رسول الله ص نوعاً من شدائد تلك الفتن ، وهو أن يمسي مؤمناً ، ثم يصبح كافراً، أو عكسه ، وهذا لعظم الفتن يتقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب( ).
ومن بادر بالأعمال قبل حصول الفتن ، فإنها تسهل عليه وقتها ، وتكون سبباً في نجاته منها ، كما يرغب رسول الله ص بالأعمال وقت الفتن ، كما في الحديث الذي يرويه معقل بن يسار( ) (رضي الله عنه) عن النبي ص قال : ((العبادة في الهرج( ) كهجرة إليَّ))( )وذلك لأن ينشغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا الأفراد( ).
وفي بيان أثر العمل الصالح على سلامة الفرد من عقيدته، ما ورد في وصية رسول الله ص لابن عمه الشاب ابن عباس (رضي الله عنهما) : ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...)) فإن حفظ العبد ربه يستلزم طاعته في أوامره، يستلزم القيام بالعبادات على وجهها، كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً، وفعل من تيسر من نوافل العبادات. فإن نتيجة ذلك حفظ الله لعبده، ومن أجل ذلك حفظه في عقيدته، وسلامته من الفتن والتحديات التي تواجهه.


الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر
يمكن الاستفادة من هذا المنهج في تحصين الإيمان بالعمل الصالح بعدة أمور هي :-
1- أن نغرس في أذهان الشباب المعنى المستفاد من حديث رسول الله ص ((احفظ الله يحفظك)) ، ونبين له أن الإنسان في هذه الحياة معرض لأخطار كثيرة، ومنها ما يكون في عقيدته بسبب ما يواجهه من التحديات في العصر الحاضر، وأنه مهما فعل من الاحتياطات، فإنه لا يستغني عن حفظ الله سبحانه وتعالى له الذي يورثه العمل الصالح.
2- لابد أن نغرس في أذهان الشباب أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فإن المبادرة للطاعة والبعد عن المعصية عون للشاب المسلم في مواجهة التحديات العقائدية، التي تواجهه في حياته.
3- توجيه الشباب لاغتنام الفرص للعمل الصالح، لأنه ربما تعرض في حياته إلى فتنة لا يتمكن من العمل فيها، كما أوصى بذلك رسول الله ص : ((بادروا بالأعمال ، فتناً كقطع الليل المظلم...)) .
4- ترغيب الشباب بالعمل الصالح، وذلك ببيان مالها من الفضائل والمنافع على الإنسان في دنياه وآخرته.
5- ترهيب الشباب من ترك الواحبات أو التهاون بها، وبيان ما يترتب على ذلك من الإثم والضرر على الإنسان في حياته وبعد مماته .




الخاتمة
وفي الختام أحمد المولى سبحانه وتعالى على إتمام هذا البحث الموجز عن المنهج النبوي في مواجهة التحديات العقائدية للشباب، وبعد أن علمنا شيئاً من هذا المنهج فإننا نذكر أنفسنا بقوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} ومن العمل بهذه الآية أن نقتدي برسول الله ص في منهجه الدعوي الخاص بمواجهة التحديات العقائدية التي تواجه الشباب في هذا العصر الذي كثرت وتنوعت فيه هذه التحديات، وذلك ضماناً لسلامة شبابنا ورفعة لأمتنا بهذا الدين القويم.
وأهم التوصيات ما يلي :-
* على أولياء الأمور المبادرة لتعليم أبنائهم أمور العقيدة في باكورة العمر وقبل سن التعليم.
* على أولياء الأمور الحرص على تحفيظ الصغار بعض الأدعية وبعض سور القرآن.
* على المعلمين وأولياء الأمور الاجتهاد في توضيح مسائل العقيدة للنشء بالوسائل المناسبة.
* على المعلمين وأولياء الأمور الاهتمام بالقصص الإيمانية من الكتاب والسنة وعرضها للنشء.
* على القائمين على رعاية الشباب تعاهدهم بالوصايا الإيمانية .
* على القائمين على رعاية الشباب عدم الغفلة عن امتحان إيمان الشباب ومدى رسوخهم فيه.
* على أولياء الأمور الحرص على الشباب وتحذيرهم من أماكن الفتن، أو الخوض في الشبه.
* على أولياء الأمور حث الشباب على الإكثار من العمل الصالح ففيه صيانة لعقائدهم.
* على القائمين على تربية الشباب انتهاز الفرص والمناسبات لغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب .
* على من تهمهم رعاية الشباب متابعة سلامة عقيدتهم والحرص على الحكمة في تقويم اعوجاجها .
* على الجهات المعنية بتربية الشباب اتخاذ التدابير الواقية لعقيدة الشباب .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قائمة مراجع البحث( )
1- ابن الأثير : عز الدين علي بن أبي الكرم ، أسد الغابة في معرفة الصحابة ، بدون (دار إحياء التراث العربي ، بيروت ) .
2- الألباني : محمد ناصر الدين ، صحيح سنن أبي داود ، ط1 (المكتب الإسلامي، بيروت، 1409هـ).
3- الألباني : محمد ناصر الدين ، صحيح سنن ابن ماجة ، ط1 (المكتب الإسلامي ، بيروت، 1407هـ)
4- الألباني : محمد ناصر الدين ، صحيح سنن الترمذي ، ط1 (المكتب الإسلامي، بيروت ، 1408هـ) .
5- الألباني : محمد ناصر الدين ، صحيح سنن النسائي ، ط1 (المكتب الإسلامي، بيروت، 1409هـ) .
6- البخاري : محمد بن إسماعيل ، الجامع الصحيح ، ط1 (المطبعة السلفية ، القاهرة ، 1400هـ).
7- التبريزي : محمد بن عبدالله، مشكاة المصابيح، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني ، ط2 (المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1399هـ) .
8- الترمذي : الحافظ محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، السنن ، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، بدون(دار إحياء التراث العربي) .
9- الجوهري : إسماعيل بن حماد ، الصحاح ، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار ، ط4(بيروت ، دار العلم للملايين ، 1990م) .
10- الحموي : شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت ، معجم البلدان ، بدون ( دار الفكر ، بيروت).
11- الحنبلي : عبدالرحمن بن رجب، جامع العلوم والحكم، بدون (دار المعرفة ، بيروت ، بدون).
12- الخولي : البهي ، تذكرة الدعاة ، ط6(مكتبة الفلاح، الكويت، 1399هـ).
13- الدارمي : أبو عبد الله عبد الرحمن بن فضل بن بهرام ، السنن ، بدون(دار إحياء السنة النبوية).
14- الديلمي : عبد الوهاب بن لطف ، معالم الدعوة في قصص القرآن الكريم، ط1(دار المجتمع، جدة، 1406).
15- السجستاني : أبو داود سليمان بن الأشعث ، السنن ، إعداد وتعليق عزت عبيد الدعاس وعادل السيد ، ط1(دار الحديث، بيروت، 1388) .
16- السخاوي : أبو الخير محمد بن عبدالرحمن، المقاصد الحسنة ، ط1 (دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1399هـ) .
17- ابن سعد : أبو عبدالله محمد، الطبقات الكبرى ، بدون(دار صادر ، بيروت ) .
18- سعيد : د. محمد رأفت ، الرسول المعلم ومنهجه في التعليم ، ط1( دار الهدى ، الرياض، 1402هـ).
19- ابن طرهوني:محمد بن رزق،صحيح السيرة النبوية، ط1 (دار ابن تيمية ، القاهرة، 1410هـ).
20- ابن عبد البر : أبو عمر يوسف بن عبدالله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، هامش الإصابة، ط1(مطبعة السعادة، مصر ، 1328).
21- العسقلاني : احمد بن علي بن حجر ، فتح الباري ، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، تصيح وتعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، بدون(رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض).
22- العسقلاني : أحمد بن علي بن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ، ط1 (مطبعة السعادة،مصر).
23- الفيروز أبادي : محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، بدون(دار الفكر ، بيروت ، 1398).
24- ابن ماجة : أبو عبدالله محمد بن يزيد القزويني ، السنن ، بدون(استانبول ، المكتبة الإسلامية).
25- محفوظ : علي ، هداية المرشدين إلى طرق الوعظ والخطابة، ط5(دار الاعتصام، بيروت، 1371هـ) .
26- ابن منظور : أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، بدون(دار صادر، بيروت)
27- الندوي: أبو الحسن علي الحسني ، السيرة النبوية ، ط7 ( دار الشروق ، بيروت ، 1408هـ).
28- النووي: محيي الدين يحيى بن شرف ، شرح صحيح مسلم ، بدون (دار إحياء التراث، بيروت)
29- النيسابوري : مسلم بن الحجاج ، صحيح مسلم ، بدون (نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض ، 1400هـ) .
30- الهاشمي : د. عبد الحميد ، الرسول العربي المربي ، ط2 (دار الهدى ، الرياض ، 1405هـ) .
31- ابن هشام : أبو محمد عبد الملك ، السيرة النبوية ، بدون (دار المعرفة ، بيروت ) .
32- نثر اللآليء من كلام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، مكتبة السليمانية، استانبول ، مخطوط رقم 3581 ، تحت فهرس (أسعد أفندي Esad Efendi).

أسماء وأعمار من كانوا في عهد النبي ص شباباً أو صغاراً
ممن ورد ذكرهم في البحث( )

م اسم الصحابي عمره عند الهجرة ملحوظات
1 أسامة بن زيد 8 أو10 توفي النبي ص وعمره عشرون وقيل ثمان عشرة
2 أنس بن مالك 10
3 جندب بن عبدالله وصف نفسه ومن معه على عهد النبي ص بأنهم فتيان
4 الحسن بن علي ولد في السنة الثالثة من الهجرة
5 خباب بن الأرت 26
6 أبو سعيد بن المعلى ولد بعد الهجرة
7 أبو سعيد الخدري 10تقريباً
8 عبدالرحمن بن سمرة
9 عبدالله بن عباس 3
10 عبدالله بن عمر 11
11 عبدالله بن عمرو 7
12 عبدالله بن مسعود 28
13 علي بن أبي طالب 23
14 معاذ بن جبل 17
15 أبو موسى الأشعري فوق العشرين قليلاً
16 أبو هريرة 21


محتويات البحث

تقديم 1
المبحث الأول : غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الشباب
المطلب الأول : تعليم الإيمان منذ الصغر 2
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 4
المطلب الثاني : التوضيح والبيان 6
ضرب الأمثال 6
استخدام وسائل الإيضاح 7
القصص 8
إجابة التساؤلات 10
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 11
المطلب الثالث : إثارة الانتباه واغتنام الفرص 13
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 14
المبحث الثاني : المتابعة وتقويم الأخطاء
المطلب الأول : التعاهد بالوصية 16
احفظ الله يحفظك 16
اتق الله حيثما كنت 17
استحيوا من الله حق الحيا 17
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 17
المطلب الثاني : امتحان إيمان الشباب 19
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 20
المطلب الثالث : تقويم إيمان الشباب 21
التعليل وإيجاد البديل 22
الإشعار بعظم الخطأ 22
الإيحاء بالغضب 23
الإلزام والتحذير من العواقب 24

العتاب والعقاب 24
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 25
المبحث الثالث : تحصين إيمان الشباب
المطلب الأول : الحث على التمسك بالكتاب والسنة 26
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 28
المطلب الثاني : التحذير من أماكن الفت 29
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 31
المطلب الثالث: التحذير من الخوض في الشبه 33
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 34
المطلب الرابع : التحصن بالعمل الصالح 34
الاستفادة من المنهج في العصر الحاضر 36
الخاتمة 37
قائمة مراجع البحث 38
أسماء وأعمار من كانوا في عهد النبي ص شباباً أو صغاراً
ممن ورد ذكرهم
في البحث 40

http://salafi.roo7.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى